للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاصبروا عليهن، ولا تفارقوهن لكراهة الأنفس وحدها، فلعل (لكم) فيما تكرهونه (خيرًا كثيرًا) فإن النفس ربما تكره ما يحمد، وتحب ما هو بخلافه، فليكن مطمع النظر ما فيه خير وصلاح، دون ما تهوى الأنفس، ونكر" شيئًا " و " خيرًا " ووصفه بما وصفه مبالغة في الحمل على ترك المفارقة، وتعميمًا للإرشاد، ولذا استدل بالآية على أن الطلاق مكروه) (٩٤٢) اهـ.

[ (وعن ابن عباس في قوله تعالى: (ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا) قال: " الخير الكثير أن يعطف عليها فيُرزق الرجلُ ولدها، ويجعل الله في ولدها خيرًا كثيرًا "] .

(وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال: فإذا وقع بين الرجل وبين امرأته كلام، فلا يعجل بطلاقها وليتأن بها، وليصبر، فلعل الله سيريه منها ما يحب، وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في الآية قال: عسى أن يمسكها وهو لها كاره، فيجعل الله فيها خيرا كثيرًا) ] (٩٤٣) .

وقال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: [وقد ندبت الآية إلى إمساك المرأة مع الكراهة لها، ونبهت على معنيين: أحدهما: أن الإنسان لا يعلم وجوه الصلاح، فرب مكروه عاد محمودًا، ومحمودٍ عاد مذموما، والثاني: أن الإنسان لا يكاد يجد محبوبًا ليس فيه ما يكره، فليصبر على ما يكره لما يُحب، وأنشدوا في هذا المعنى:

ومن لم يُغْمِضْ عينه عن صديقه ... وعن بعض ما فيه يَمُتْ وهو عاتِبُ

ومن يتتبع جاهدًا كل عَثرَة ... يَجِدْها، ولا يسلمُ له الدَّهرَ صاحبُ] (٩٤٤)


(٩٤٢) "روح المعاني" (٤/٢٤٣) .
(٩٤٣) "الدر المنثور" (٢/١٣٣) .
(٩٤٤) "زاد المسير" (٢/٤٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>