للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلقت من ضِلَع، لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها، استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها " (٩٤٩) ، وعنه أيضًا بلفظ: " واستوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، إن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج (٩٥٠) ، استوصوا بالنساء خيرًا (٩٥١) ، ومعنى " خلقت" أي أخرجت كما تخرج النخلة من النواة " من ضِلَع " واحد الأضلاع، فالمراد أن أول النساء خلقت من ضلع، أو المراد التمثيل، قال القاضي: " استعير الضلع للمعوج صورةً ومعنى "، فيكون المراد: إنها مثل الضلع، ويشهد له قوله: " لن تستقيم لك على طريقة".

والعَوج: بفتح العين في الأجسام، وبكسرها في المعاني، قوله: " إن ذهبت تقيمها كسرتها " (أي إن أردت منها تسوية اعوجاجها أدى إلى فراقها، فهو ضرب مثل للطلاق، قوله: " وإن تركته" أي لم تقمه " لم يزل أعوج " فلا تطمع في استقامتهن، قوله: " وإن أعوج شيء في الضلع


(٩٤٩) رواه مسلم في " الرضاع" رقم (٦١) ، والحميدي (١١٦٨) .
(٩٥٠) فيه إشارة إلى الصبر على اعوجاجهن لأنه في الغالب طبع فيهن، ولا يردن به شرا، ومن أراد تقويم المرأة تقويمًا تاما فقد طلب المحال، والعشرة كلها تحتاج إلى صبر وعفو وحلم سواء أكانت مع الرجال أم مع النساء.
(٩٥١) رواه البخاري (٩/٢٠٦) ط. السلفية، ومسلم في " الرضاع" رقم (٦٢) .
فائدة: قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في بيان مقصود قوله صلى الله عليه وسلم: " استوصوا بالنساء خيرا " الحديث: (يؤخذ منه أن لا يتركها على الاعوجاج إذا تعدت ما طبِعَت عليه من النقص إلى تعاطي المعصية بمباشرتها، أو ترك الواجب، وإنما يتركها على اعوجاجها في الأمور المباحة) اهـ " فتح الباري" (٩/٢٠٧) .
وقال رحمه الله أيضا: (وفيه رمز إلى التقويم برفق، بحيث لا يبالغ فيه فيكسر، ولا يتركه فيستمر على عوجه، وإلى هذا أشار البخاري في الباب) اهـ. (٩/٢٠٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>