٥- ومن آداب حسن الاستماع أن يقبل السامع على الإصغاء لحديث صاحبه حتى ولو كان في أمر يعرفه أدق المعرفة، قال ابن المقفع:[إذا رأيت الرجل يحدث حديثا قد علمته، ويخبر خبرا قد سمعته، فلا تشاركه فيه، ولا تفتح عليه، حرصًا على أن تُعلم الناس أنك قد علمته، فإن ذلك خفة وسوء أدب] ولله درّ أبي تمام:
مَنْ لي بإنسان إذا أغضبتُه ... وجهلتُ كان الحلم رد جوابه
وتراه يصغي للحديث بقلبه ... وبسمعه ولعله أدرى به
٦- ومن آداب حسن الاستماع أن ينصت سواء أكان الحديث دسما عميقًا أم كان تافها غثا، وألا يظهر لصاحبه ضيقه من ذلك، لأن أي إنسان مهما أوتي من الموهبة لن يستطيع أن يجعل حديث التسلية دائمًا حديثًا عميقَا دسما، وقد قيل: إذا جالست الجهال فأنصت لهم، وإذا جالست العلماء فأنصت لهم؟ فإن في إنصاتك للجهال زيادة في الحلم، وفي إنصاتك للعلماء زيادة في العلم.
٧- وإذا كان الحديث بين زوجين فمن آداب حسن الاستماع ألا يسارع أحدهما إلى الردّ على صاحبه فيما إذا قرر أمرَا لا يراه، ما لم يكن إثمًا أو زيغًا.. إن عليه ما دام الأمر لم يصل إلى دائرة المنكر أن يلوذ بالصمت الملاطف الرفيق، ولا بأس بأن يثني على جانب من الكلام تمهيدا للتعقيب المناسب في الوقت المناسب، ذلك لأنَ المبادرة إلى إبطال قوله قد تترك أثرًا سيئًا في نفس صاحبه، ولايزهدن أحد في المجاملة، فما أكثر ما تكون المجاملة نافعة في الدنيا!!! وليس يعني هذا أن ينسلخ المرء عن رأيه ولا أن يتخلى عن فكره.. لا.. ولكن يسعه الصمت في بادئ الأمر ثم يتخير الوقت المناسب ليقول فيه ما يرى.
٨- ومن آدابه أن يجاري أحد الزوجين صاحبه فيما يسمع.. فإن كان الحديث نكتة صادقة ضحك، وإن كان خبرًا يثير التعجب تعجب..