للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تقدم خبر (١٠٧١) الثلاثة الذين (آواهم المبيت إلى غار فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل فسدَت عليهم الغار، فقالوا: " إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله تعالى بصالح أعمالكم، قال رجل منهم: " اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبِقُ (١٠٧٢) قبلهما أهلًا ولا مالًا، فنأى بي طلب الشجر يومًا) الحديث، والشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك في مقام الثناء على هذا الرجل ببر والديه، وتقديم حقهما والإحسان إليهما على الزوجة والأبناء لا سيما عند التعارض، والله أعلم.

وقد تقدم من بيان أدلة عظم حق الوالدين ما فيه كفاية، أما عظم حق الزوج على زوجته، وأولويته على حق والديها لا سيما إذا وقع بينهما تعارض، فقد بينه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى فقال: (قوله: (فالصالحات قانتات، حافظات للغيب بما حفظ الله) يقتضي وجوب طاعتها لزوجها مطلقًا: من خدمة، وسفر معه، وتمكين له، وغير ذلك كما دلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث " الجبل الأحمر " وفي " السجود" وغير ذلك؛ تجب طاعة الأبوين؛ فإن كل طاعة كانت للوالدين انتقلت إلى الزوج؛ ولم يبق للأبوين عليها طاعة: تلك وجبت بالأرحام، وهذه وجبت بالعهود) (١٠٧٣) اهـ.

وقال شيخ الإسلام أيضًا: (وليس على المرأة بعد حق الله ورسوله أوجب من حق الزوج) (١٠٧٤) اهـ.

وقال رحمه الله في موضع آخر: ( ... فالمرأة عند زوجها تشبه الرقيق


(١٠٧١) تقدم تخريجه برقم (٣٩٥) .
(١٠٧٢) أي لا أقدم في الشرب قبلهما أهلا، ولا مالا من رقيق وخادم، و"الغبوق" شرب العشي.
(١٠٧٣) "مجموع الفتاوى" (٣٢/٢٦٠-٢٦١) .
(١٠٧٤) "السابق" (٣٢/٢٧٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>