حالها، وتعود إلى الاستقامة، جاز له ضربُها بقصد الإصلاح، لا بقصد الانتقام، وأما إذا رأى بخبرته أن الضرب لا يُصْلِحُها، بل يزيدها عنادًا ويفسدها، ويئس من حسن العشرة معها، لم يجز له أن يضربها، وله أن يطلب رد المهر، ويطلقها.
ومن المعلوم أن طباع النساء ليست سواء، فبعضهن يصلحها الضرب، وبعضهن يفسدها الضرب، ومقصود الشارع الإصلاح لا الفساد، فقد تكون الزوجة حديثة السن، تحتاج إلى تأديب أبويها، فيتزوج بها رجل عاقل، يقوم مقام والديها في تأديبها إلى أن تكبر، ويكمل عقلها، فهذا هو وجه الضرب المباح، على أن الشارع الحكيم- مع وجود السبب - لم يبح الضرب إلا بعد ألا ينفع الوعظ والهجر، ويؤيد هذا ما جاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ما بال أحدكم يضرب امرأته ضرب الفحل، ولعله يضاجعها من ليلته؟ ! "، أو كما قال صلى الله عليه وسلم، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذ كيف يعقل أن يضرب الرجل امرأته، ثم يعانقها، ويقبلها؟ ! ففي ذلك تناقض عظيم، لما يقع من النفور والقضاء على المحبة التي هي روح العشرة الحسنة..) ، ثم قال رحمه الله:
( ... وحسب علمنا وتجاربنا، لا يُصلح الضربُ الممتنعة من فراش زوجها إلا إذا كانت صغيرة أو سفيهة، وأكثر النساء لا يزيدهن الضرب إلا نفورًا، فيأتي بعكس المطلوب، وبدلَ أن يقربها يبعدها، ويزداد الخرق اتساعًا، كما هو مشاهد، وفي حديث أبي داود نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ضرب النساء، فذئرت النساء على أزواجهن، قال صاحب اللسان: قال الأصمعي: أي نفرن، ونشزن، واجترأن، فأنت ترى أن هذا الحديث موافق للأحاديث المتقدمة في أن الضرب لا يجوز إلا عند النشوز، ومع ذلك: بعدما جاءت النساء إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم، واشتكين أزواجهن؛ قال