قلبه، وغلظ طبعه، وساء فهمه من ظلم النساء، وضربهن ضربَ غرائب الإبل وذلك لأتفه الأسباب، وربما تستروا وراء هذا الإذن القرآني بالضرب، ويظن بعضهم أن الرجولة هي الظلم والقهر والاستعلاء، وأن القوامة طوق في عنق المرأة لإذلالها وتسخيرها، إن الزوجة ليست كالبقرة ولا السلعة، متى اشتراها ربها صنع بها ما يشاء كما يتوهم أولئك الظالمون البغاة، إن للمرأة في هذه الحال الحق الكامل في أن تشكوه إلى أوليائها، أو ترفع أمرها إلى الحاكم، لأنها إنسان مكرم داخل في قوله تعالى:(ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلًا) الإسراء (٧٠) .
وليس حسن معاشرة المرأة أمرا اختياريًّا متروكًا للزوج يفعله أو لا يفعله، بل هو تكليف وواجب.
وليس الرفق بها من باب الرفق بالحيوان الأعجم، ولكنه حق لها وواجب على الرجل لأنها مكرمة مثله بالخلق السوي، والصورة الحسنة، والعقل والنطق والتفكير، وحمل الأمانة، فهذه المزايا كلها مشاعة بين الرجل والمرأة، فمن أراد أن يعامل الزوجة معاملة الدابة والسلعة، فقد كفر نعمة الله، واستحق أن يسلط الله عليه من المستعمرين وغيرهم من يعامله بمثل ذلك " كما تدينوا تدانوا"
إنها جديرة بالحياة الطيبة التي وعد الله في قوله:(من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) أي في الدنيا (ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) أي في الآخرة.
فإذا أساء الرجل عشرتها وقهرها وهي مقيمة على طاعته مؤدية لحقوقه فأي حياة طيبة تكون لها؟ وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في كمال الرجولة، وصلابة العزيمة، وقوة الشكيمة، وقد أخذت نفسُه من الحزم