وقد اختلف العلماء في حكم خدمة المرأة زوجها، وحقق ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " الفتاوى" فقال: (وتنازع العلماء: هل عليها أن تخدمه في مثل فراش المنزل، ومناولة الطعام والشراب، والخبز والطحن لمماليكه وبهائمه مثل علف دابته ونحو ذلك؟
فمنهم من قال: لا تجب الخدمة، وهذا ضعيف كضعف قول من قال: لا تجب عليه العشرة والوطء! فإن هذا ليس معاشرة له بالمعروف، بل الصاحب في السفر الذي هو نظير الإنسان وصاحبه في المسكن، إن لم يعاونه على مصلحته لم يكن قد عاشره بالمعروف، وقيل- وهو الصواب - وجوب الخدمة، فإن الزوج سيدها في كتاب الله - وهي عانية عنده بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى العاني والعبد الخدمة، لأن ذلك هو المعروف.
ثم من هؤلاء من قال: تجب الخدمة اليسيرة، ومنهم من قال: تجب الخدمة بالمعروف، وهذا هو الصواب، فعليها أن تخدمه الخدمة المعروفة من مثلها لمثله، ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال، فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية، وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة) (١٢١٧) اهـ.
قال الألباني حفظه الله معقبًا على كلام شيخ الإسلام رحمه الله: قلت: (وهذا هو الحق إن شاء الله تعالى أنه يجب على المرأة خدمة البيت، وهو قول مالك وأصبغ، كما في " الفتح"(٩/٤١٨) ، وأبي بكر ابن أبي شيبة، وكذا الجوزجاني من الحنابلة كما في " الاختيارات" ص (١٤٥) ، وطائفة من السلف والخلف كما في " الزاد"(٤/٤٦) ، ولم نجد لمن قال بعدم الوجوب دليلا صالحًا، وقول بعضهم: "إن عقد النكاح