إنما اقتضى الاستمتاع لا الاستخدام " مردود بأن الاستمتاع حاصل للمرأة أيضًا بزوجها فهما متساويان في هذه الناحية، ومن المعلوم أن الله تبارك وتعالى قد أوجب على الزوج شيئا آخر لزوجته ألا وهو نفقتها وكسوتها ومسكنها، فالعدل يقتضي أن يجب عليها مقابل ذلك شيء آخر أيضا لزوجها، وما هو إلا خدمتها إياه، سيما وهو القوام عليها بنص القرآن الكريم كما سبق، وإذا لم تقم هي بالخدمة فسيضطر هو إلى خدمتها في بيتها، وهذا يجعلها هي القوامة عليه، وهو عكس للآية القرآنية كما لا يخفى، فثبت أنه لابد لها من خدمته، وهذا هو المراد، وأيضًا: فإن قيام الرجل بالخدمة يؤدي إلى أمرين متباينين تمام التباين: أن ينشغل الرجل بالخدمة عن السعي وراء الرزق وغير ذلك من المصالح، وتبقى المرأة في بيتها عطًلا عن أي عمل يجب عليها القيام به، ولا يخفى فساد هذا في الشريعة، التي سوت بين الزوجين في الحقوق، بل وفضلت الرجل عليها درجة، ولهذا لم يُزِل رسول الله صلى الله عليه وسلم شكوى ابنته فاطمة علبها السلام) (١٢١٨) اهـ.
وقال الإمام المحقق ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى مؤيدًا القول بالوجوب:
(وأيضا فإن العقود المطلقة إنما تنزَل على العرف، والعُرف خدمة المرأة، وقيامها بمصالح البيت الداخلة، وقولهم: " إن خدمة فاطمة وأسماء كانت تبرعًا وإحسانًا "، يردُّه أن فاطمة كانت تشتكي ما تلقى مِن الخدمة، فلم يقل لعلي: " لا خدمة عليها، وإنما هي عليك "، وهو صلى الله عليه وسلم لا يحابي في الحكم أحدًا، ولما رأى أسماء والعلفُ على رأسها، والزبيرُ معه، لم يقل له: لا خدمةَ عليها، وأن هذا ظلمٌ لها، بل أقرَّه على استخدامها، وأقَرَّ سائر أصحابه على استخدام أزواجهم مع علمه بأن منهن الكارهة والراضية،