للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي بنية: إنك قد فارقت الحمى الذي منه خرجت، وخلفت العش الذي فيه درجت، إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك مليكًا فكوني له أمة يكن لك عبدًا وشيكا، واحفظي له خصالا عشرا، تكن لك ذخرًا:

أما الأولى والثانية: فالصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة، فإن في القناعة راحة القلب، وفٍى حسن المعاشرة مرضاة للرب.

وأما الثالثة والرابعة: فالمعاهدة لموضع عينيه، والتفقد لموضع أنفه، فلا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشم منكِ إلا أطيب ريح.

وأما الخامسة والسادسة: فالتعاهد لوقت طعامه، والتفقد لحين منامه، فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة" وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله، والإرعاء على حشمه وعياله، وملاك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال حسن التدبير.

وأما التاسعة والعاشرة: فلا تفشين له سرًّا، ولا تعصين له أمرا، فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره، واتقي مع ذلك كله الفرح إذا كان ترحا، والاكتئاب إذا كان فرحًا، فإن الأولى من التقصير، والثانية من التكدير، وأشد ما تكونين له إعظاما أشد ما يكون لك إكراما، وأشد ما تكونين له موافقة أطول ما يكون لك مرافقة، واعلمي يا بنية أنك لا تقدرين على ذلك حتى تؤثري رضاه على رضاك، وتقدمي هواه على هواك فيما أحببت أو كرهت، والله يضع لك الخير، وأستودعك الله) (١٢٦٧) اهـ.

إن الزوجة التي يندب إليها هي الهينة، اللينة، العفيفة، التي " تعين


(١٢٦٧) انظر: " أحكام النساء" لابن الجوزي ص (٧٤-٧٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>