للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على قبر تبكي، فهبت الريح، فرفعت البرقع عن وجهها، فكأنها غمامة جَلَت شمسا، فوقفنا متعجبين، ننظر إليها، فقال لها ابن المهلب: " يا أمة الله، هل لك في أمير المؤمنين بعلا؟ "، فنظرت إليهما، ثم نظرت إِلى القبر، وقالت:

فإن تسألاني عن هواي، فإنه ... بملحود هذا القبر يا فتيانِ

وإني لأستحييه والتربُ بيننا ... كما كنت أستحييه وهو يراني

فانصرفنا ونحن متعجبون) (١٢٩١) .

وأخيرًا: هذا مثل للزوجة المسلمة الفاضلة ينبغي لكل مسلمة أن تجعله نصب عينيها:

(إن فاطمة بنت أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان كان لأبيها - يوم تزوجت- السلطان الأعظم على الشام والعراق والحجاز واليمن وإيران والسند وقفقاسيا والقريم وما وراء النهر إلى نجارا وجنوة شرقَا، وعلى مصر والسودان وليبيا وتونس والجزائر والمغرب الأقصى وإسبانيا غربا، ولم تكن فاطمة هذه بنت الخليفة الأعظم وحسب، بل كانت كذلك أخت أربعة من فحول خلفاء الإسلام وهم: الوليد بن عبد الملك، وسليمان بن عبد الملك، ويزيد ابن عبد الملك، وهشام بن عبد الملك، وكانت فيما بين ذلك زوجة أعظم خليفة عرفه الإسلام بعد خلفاء الصدر الأول، وهو أمير المؤمنين " عمر ابن عبد العزيز ".

بنت الخليفة، والخليفة جَدُّها ... أخت الخلائف، والخليفة زوجها " (١٢٩٢)


(١٢٩١) " الدر المنثور" ص (٤٦٥-٤٦٦) ، و" أخبار النساء " ص (١٣٨) ، وهذا الأخير منسوب خطأ لابن قيم الجوزية، كما حققه العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد في " ابن قيم الجوزية: حياته، وآثاره" ص (١٢١-١٢٦) .
(١٢٩٢) " البداية والنهاية، (٩/١٩٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>