للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَصُونةً كريمة، من أهل الجنة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُثني عليها، ويُفَضلُها على سائر أمهات المؤمنين، ويبالغ في تعظيمها، بحيث إن عائشة رضي الله عنها كانت تقول: " ما غِرْتُ من امرأة ما غِرت من خديجة، من كثرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لها " (١٣٩٧) .

ومن كرامتها عليه صلى الله عليه وسلم أنها لم يتزوج امرأة قبلها، وجاءه منها عدةُ أولاد، ولم يتزوج عليها قط، ولا تَسرَّي إلى أن قضت نَحْبَها، فَوَجَدَ لفقدها، فإنها كانت نِعم القرين، وكانت تنفق عليه من مالها، ويَتَّجِرُ هو صلى الله عليه وسلم لها.

" وقد أمره الله أن يبشرها ببيت في الجنة من قَصَب، لا صخَبَ فيه ولا نَصَب " (١٢٩٨)) (١٢٩٩) اهـ.

وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة لم يكد يسأم من ثناء عليها واستغفار لها، فذكرها يومًا، فحملتني الغيرة، فقلت: " لقد عَوَّضك الله من كبيرة السن! "، قالت: فرأيتُه غضب غضبًا أسْقِطْتُ في خَلَدي (١٣٠٠) ، وقلت في نفسي: " اللهم إن أذهبتَ غضبَ رسولك عني لم أعُدْ أذكرها بسوء "، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما لقيتُ، قال: " كيف قلتِ؟ والله لقد آمنت بي إذ كَذَّبني الناسُ، وآوتني إذ رفضني الناس، وَرُزِقْتُ منها الولد وحرمتموه مني "، قالت:


(١٢٩٧) تقدم برقم (١٠٣٣) .
(١٢٩٨) أخرجه البخاري (٧/١٠٥) ، ومسلم (٢٤٣٢) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وكذا أخرجه البخاري (٧/١٠٤) ، ومسلم (٢٤٣٣) من حديث عبد الله ابن أبي أوفى رضي الله عنه. وأراد بالبيت: القصر، والقصب هنا: لؤلؤ مجوف واسع كالقصر المنيف، والصخب: اختلاط الأصوات، والنصب: التعب.
(١٢٩٩) "سير أعلام النبلاء " (٢/١١٠) .
(١٣٠٠) الخلَد: بالتحريك، البال والقلب والنفس.

<<  <  ج: ص:  >  >>