للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد الأنبياء والمرسلين، رفيق رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار، ومعينه في الأسفار، ووزيره في عهده، وخليفته بحق من بعده، رضي الله عنه وعن ابنته، القرشية، التَّيمية، المكية، أم المؤمنين، زوجة نبينا صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، وحبيبة خليل الله صلى الله عليه وسلم، الفقيهة الربانية، المبرأة من فوق سبع سماوات، أفقه نساء هذه الأمة على الإطلاق، تزوج بها سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم وهي بنت تسع سنوات، وهو صلى الله عليه وسلم ابن أربع وخمسين سنة، وأقام معها تسع سنوات، ومات عنها وهو ابن ثلاث وستين سنة، وهي لم تخط بعد إلى التاسعة عشرة، على أنها ملأت أرجاء الأرض علمًا، فهى في رواية الحديث نسيج وحدها، وعت من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم تعه امرأة من نسائه، وروت عنه ما لم يَرْوِ مِثلَهُ أحد من الصحابة إلا أبا هريرة وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين، قال الحافظ الذهبي رحمه الله: (روت عنه صلى الله عليه وسلم علما كثيرًا طيبا مباركا فيه، وعن أبيها، وعن عمر، وفاطمة، وسعد، وحمزة بن عمرو الأسلمي، وجُدامة بنت وهب) (١٣٦٢) .

عاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسين سنة، وتوفيت ولها من العمر ثمان وستون سنة.

قال الحافظ الذهبي رحمه الله:

(وكانت امرأة بيضاء جميلة، ومِن ثَم يقال لها: الحميراء، ولم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم بِكرَا غيرها، ولا أحَب امرأةً حُبَّها، ولا أعلم في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، بل ولا في النساء مُطلقًا، امرأة أعلم منها، وذهب بعض العلماء إلى أنها أفضل من أبيها، وهذا مردود، وقد جعل الله لكل شيء قدرا، بل نشهد أنها زوجة نبينا صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، فهل فوق ذلك مَفْخَر؟) (١٣٦٣) اهـ.


(١٣٦٢) " سير أعلام النبلاء " (٢/١٣٥) .
(١٣٦٣) "السابق" (٢/١٤٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>