تقية، نقيهَ، تقوم الليل، وتصوِم النهار، وتكثر البكاء من خشية الله عز وجل، حتى قيل لها:"تَرَفَقي بنفسك "، لكثرة ما رأوْا منها، فقالت:" كيف أرفق بنفسي وأمامي عقبة لا يقطعها إلا الفائزون؟ "، حجَّت ثلاثين حجة، وكانت تحفظ القرآن وتفسيره، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى بعد أن حكى أنها دخلت مصر مع زوجها المؤتمن إسحاق بن جعفر بن محمد الصادق:(فأقامت بها، وكانت ذات مال، فأحسنت إلى الناس، والجذمى، والزَّمْنَى، والمرضَى، وعموم الناس، وكانت عابدة، زاهدة، كثيرة الخير، ولما ورد الشافعي مصر أحسنت إليه، وكان ربما صَلَّى بها في شهر رمضان، وحين مات أمرت بجنازته فأدخِلَتْ إليها المنزل، فصلت عليه)(١٤٩١) اهـ.
ومن أخبارها رحمها الله تعالى:
(أنها أقامت بمصر مع زوجها إسحق بن جعفر الصادق، وقيل: مع أبيها الحسن الذي عُيِّن واليًا على مصر من قِبل أبي جعفر المنصور.
وقد هرع إليها أهل مصر يشكون من ظلم أحمد بن طولون، فقالت لهم: متى يركب؟ قالوا: في غدٍ، فكتبت رقعة، ووقفت بها في طريقه، وقالت:" يا أحمد بن طولون "، فلما رآها عرفها، فترجل عن فرسه، وأخذ منها الرقعة، وقرأها، فإذا فيها:
" ملكتم فأسرتم، وقدرتم فقهرتم، وخُوِّلتُم فعسفتم، ورُدَّت إليكم الأرزاق فقطعتم، هذا وقد علمتم أن سهام القدر نافذة غير مخطئة لا سيما في قلوب أوجعتموها، وأكبادٍ جوعتموها، وأجساد عريتموها، فمحال أن