للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثرة البكاء من شعوانة، ولا سمعت صوتًا قط أحرقَ لقلوب الخائفين من صوتها إذا هي نَشَجَت، ثم نادت: " يا مَوْتي، وبَني الموتى، وإخوةَ الموتى! ".

وقال أبو عمر الضرير: سمعتها تقول: " من استطاع منكم أن يبكي فليبكِ، وإلا فليرحم الباكي، فإن الباكي إنما يبكي لمعرفته بما أتى إلى نفسه".

وعن الحارث بن مغيرة، قال: كانت شعوانة تنوح بهذين البيتين:

يُؤمِّل دنيا لتبقى له ... فوافَى المنيةَ قبلَ الأمَلْ

حثيثًا يُرَوي أصولَ الفَسيلِ ... فعايش الفَسِيلُ (١٥١٠) ومات الرجُلْ وعن فضيل بن عياض قال:

(قَدِمَتْ شعوانةُ، فأتيتها، فشكوت إليها، وسألتُها أن تَدعوَ بدعاء، فقالت: " يا فضيل أمَا بينك وبين الله ما إن دعوتَهُ استجاب لك؟ "، قال: فشهق الفضيل، وخَرَّ مغشيا عليه) (١٥١١) .

منيفة بنت أبي طارق البحرانية:

كانت إذا هجم عليها الليل تقول: " بخ بخ يا نفسُ قد جاء سرور المؤمن "، فتقوم في محرابها، فكأنها الجذع القائم حتى تصبح.

وعن أم عمار بنت مليك البحراني قالت: " بِتُّ ليلةً عند منيفة ابنة أبي طارق، فما زادت على هذه الآية ترددها، وتبكي: (وكيف تكفرون وأنتم تتلَى عليكم آيات الله وفيكم رسولُه ومن يعتصمْ بالله فقد هُدِي


(١٥١٠) الفسيل: مفرده الفسيلة، وهي كل عود يقطع من شجرته، فيغرس، كالنخل وغيره.
(١٥١١) "صفة الصفوة" (٤/٥٥-٥٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>