للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع ذلك متعرضة لسخطك بالتوثب على معاصيك فلتة بعد فلتة، أتراها تظن أنك لا ترى سوء فعالها وأنت عليم خبير، وأنت على كل شيء قدير " (١٥٢٣)) .

" عفيرة " العابدة:

كانت- رحمها الله- لا تضع جنبها إلى الأرض في ليل، وتقول: " أخاف أن أؤخذ على غِرة وأنا نائمة، وكانت لا تمل من البكاء، فقيل لها: " أما تسأمين من كثرة البكاء؟ "، فقالت: " كيف يسأم إنسان من دوائه وشفائه؟! " (١٥٢٤) .

وكانت تقول في مناجاتها: " عصيتك بكل جارحة مني على حدتها، والله لئن أعنتَ لأطيعنك- ما استطعتُ- بكل جارحة عصيتك بها " (١٥٢٥) .

وقدا ابن أخ لها طالت غيبته، فَبُشرتْ به، فبكت، فقيل لها: " ما هذا البكاء؟! اليوم يوم فرح وسررو "، فازدادت بكاء، ثمِ قالت: " والله ما أجد للسرور في قلبي مسكنًا مع ذكر الآخرة، ولقد ذكَرني قدومُه يوم القدوم على الله فمِن بين مسرور ومثبور " (١٥٢٦) .

ودخل عليها قوم، فقالوا: " ادعي لنا "، فقالت: " لو خرس الخطاءون ما تكلمت عجوزكم، ولكن المحسن أمر المسيء بالدعاء، جعل الله قراكم من نبق الجنة، وجعل الموت مني ومنكم على بال، وحفظ علينا الإيمان إلى الممات، وهو أرحم الراحمين " (١٥٢٧) .


(١٥٢٣) " السابق" (١٥/٢٧٧٦) .
(١٥٢٤) " صفة الصفوة" (٤/٣٤) .
(١٥٢٥) " السابق ".
(١٥٢٦) " السابق "، وانظر: " البداية والنهاية" (١٠/١٧٧) .
(١٥٢٧) " صفة الصفوة " (٤/٣٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>