وما لهن لا ينهضن؟ ومن ذا يذودهن عما شرع الله لهن من الحقوق؟ وهل هن إلا منابت حُماتِنا، وأساةُ جراحنا، وبناة نهضتنا، ومنار دعوتنا، ومثار قوتنا؟ وهل نحن وإيَّاهن إلا كجناحي النَّسْر الصاعد، إذا هِيض أحدُهما خُفِض الآخر، فيصبح لا يجد في الأرض مقعدًا، ولا في السماء مصعدًا؟ لينهض النساء ما شئن أن ينهضن- ففي نهوضهن نهوضنا وبلوغ غايتنا-، ولكن ليحذر الآخذون بيدها، والداعون إلى نهضتها التواءَ القصد، والتباس الطريق، والتنكب عن صراط الله المستقيم، وشرعه القويم، فينالها الزلل، وتلجَّ بها العثرات، حتى يقول قوم:" لقد كان ما كانت فيه خيرًا وأبقى ".
ألا وإن من التواء القصد، وضلال الطريق، أن يتخذ نساؤنا المرأة الغربية مثالًا يحتذينه، ويُمْعِنَّ في التشبه به.
ونحن لا نَكْذِبُ المرأة الغربية، فليست جديرة بأن تكون مثلا أعلى يحتذى، فهي أولًا كافرة أو لا دين لها، وهي ثانيا هائمة لا خلق لها، إلا أن تهتدي بنور الإسلام، وتستضيء بأخلاقه وأحكامه، ولا يشفع لها أن يقال:" هي كاتبة حاسبة، وصانعة بارعة، وباحثة قديرة "، فإنها لم تزد أن دعمت حياة " المادة"، وزادتها نوطا جديدًا.
ولا يخدعنا ما يدعيه مقلدة الأجنبي وعساكره الفكريون من أن المرأة الأوربية حظيت بتكريم حقيقي، فإنها إنما أعطيت مظاهر كاذبة تُستغل من ورائها كلُعبة للهو بها هنا وهناك، وغطى القوم ذلك بما أسموه تحريرا ورقيا.
إن وضع المرأة عند الأجانب ليس إلا مظهرًا خاليا من القيم الرفيعة الصادقة، مثلها في ذلك مثل التقليد الذي جرى عليه الحاكم البريطاني حين يأمر باعتقال شخص، فيرسل إليه كتابا يختمه بهذا التوقيع:(خادمكم المطيع فلان) هكذا يُذَيلُ الحاكم خطابه الذي يعتقل به سيده المطاع!!.