للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: القتل فيه بأشنع القتلات، وحيث خففه فقد جمع فيه بين العقوبة على البدن بالجلد، وعلى القلب بتغريبه عن وطنه سنة (١) .

الثاني: أنه نهى عباده عن أن تأخذهم بالزناة رأفة في دينه، بحيث تمنعهم من إقامة الحد عليهم.

الثالث: أنه سبحانه أمر أن يكون حَدُّهما بمشهد من المؤمنين، فلا يكون

في خلوة حيث لا يراهما أحد، وذلك أبلغ في مصلحة الحد، وحكمة الزجر (٢) اهـ.

ويعذب الزناة في قبورهم إلى يوم القيامة على النحو الذي جاء في حديث رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم التي رأى فيها صورا من عذاب القبر، فقد ذكر صلى الله عليه وسلم أنه جاءه جبريل وميكائيل، قال: "فانطلقنا فأتينا على مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع، فيه لغط وأصوات، قال: فاطلعنا فيه، فإذا فيه رجال ونساء عراة، فإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضَوْضَوْا- أي صاحوا من شدة حره- فقلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء هم الزناة والزواني " يعني من الرجال والنساء، فهذا عذابهم في القبر إلى يوم القيامة


(١) أجمع العلماء سلفًا وخلفا على أن الزاني المحصن يرجم لا محالة، وذهب جمهورهم إلى أن الواجب في حد الزاني المحصن هو الرجم فحسب، ومن هؤلاء الأئمة الأربعة، وذهب البعض إلى الجمع بين الرجم، والجلد، منهم علي رضي الله عنه، والحسن البصري، وإسحق بن راهويه، وداود، والظاهرية، واْجمع العلماء سلفَا وخلفا على وجوب الجلد على الزانيين غير المحصنين، ولم يعرف في ذلك مخالف، أما التغريب عاما وهو النفي من مكان الجريمة إلى مكان آخر، فقد اختلف فيه الفقهاء:
فذهب الجمهور إلى الجمع بينهما: الجلد، والتغريب، وبه قال الشافعي وأحمد، وقال مالك والأوزاعي بالجمع بينهما بالنسبة إلى الرجال الأحرار، ولا نفي على النساء، وذهب أبو حنيفة ومن تابعه إلى عدم الجمع بين الجلد والنفي.
انظر: "الحدود في الإسلام، للعلامة الدكتور محمد أبو شهبة ص (١٥٠: ٢٠١) .
(٢) " الجواب الكافي لمن سال عن الدواء الشافي " ص (١٤٤) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>