للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تقع النظرة الخائنة دون أن يراها أحد، ومن ثم جاء ختام الآية بعلم الله تعالى الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فقال عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) .

وقال تعالى: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (١٩) [غافر ١٩]

،قال ابن عباس رضي الله عنهما: "هو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم، وفيهم المرأة الحسناء أو تمر به، فإذا غَفَلوا لَحَظَ إليها، فإذا فطنوا غض بصره عنها، فإذا غَفَلوا لَحَظ، فإذا فطنوا غَضَّ "، وقد اطلع الله من قلبه أنه ود لو اطَّلع على فرجها وأن لو قدر عليها فزنى بها (١) .

وقال سفيان الثوري: الرجل يَكون في المجلس في القوم يسترق النظر إلى المرأة تمر بهم، فإن رأوه ينظر إليها اتَّقاهم فلم ينظر، وإن غَفَلوا نظر، هذا خائنة الأعين (وَمَا تخفِى ألصُدُورُ) قال: ما يجد في نفسه من الشهوة (٢) .

وعنه رحمه الله تعالى أنه قال في قوله تعالى: (يَعلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ) وهي النظرة بعد النظرة (٣) .

فإن النظرة، الأولى تكون وليدة المفاجأة فلا مؤاخذة عليها، وإذا وقعت


(١) "رواه ابن أبي حاتم، كذا في "الصارم المشهور" للتويجري ص (٢١) ،
(٢) رواه أبو نعيم في "الحلية" عن محمد بن يزيد بن خُنَيس عنه. المصدر السابق، وقد قال الشيخ حمود التويجري حفظه الله تعالى:
وقد تضاءلت خائنة الأعين في زماننا، ولم تبق إلا عند الذين تستتر نساؤهم من المسلمين، وأما الذين فتنوا بتقليد طوائف الإفرنج والتزيّ بزيهم، فقد عُدمت فيهم خائنةُ الأعين، وحَل محلها تسريح النظر في محاسن النساء الأجنبيات، والتمتع بالنظر إليهن، ومضاحكتهن ومجالستهن، والتحدث معهن في الخلوة وغير الخلوة اهـ. من السابق " ص (٢١، ٢٢)
(٣) "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٥/ ٣٠٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>