للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أفعال الجاهلية (١) .

وقال مجاهد في قوله تعالى: (وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعرُوفٍ) [الممتحنة:

١٢] ،: لا تخلو المرأة بالرجال، ذكره البغوي في تفسيره، وذكره أيضًا عن سعيد بن المسيب، والكلبي، وعبد الرحمن بن زيد أنهم قالوا: لا تخلو برجل غير ذي محرم، ولا تسافر إلا مع ذي محرم.

إن خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية مدرجة الهلاك، وداعية الإثم والفجور، وكيف لا يكون ذلك، والفرصة سانحة، وقد مهدت الخلوة للغريزة ألن تستيقظ؟

وإذ كان الفعل يمر بمراحل ثلاث:

* مرحلة النزوع والرغبة في الفعل.

* ثم مرحلة الوجدان، فيجد الشخص، ويعزم علي الفعل.

* ثم تأتي المرحلة الثالثة والأخيرة، وهي مرحلة التنفيذ.

أما في هذا الباب، فالكائن البشري حين تتقد فيه نار الشهوة، ويستيقظ

فيه الحيوان، تراه يندفع إلى الفعل إن لم تحجزه التقوى والخوف من الله سبحانه وتعالى.

ومن ثم رأينا القرآن الكريم ينهى عن الاقتراب من أسباب الزنى، فيعالج

هذه الجريمة الخلقية بحجز النفس عن أسبابها، فيقول تعالى: (وَلَا تَقربُوأ الزِّنَى) الآية [الإسراء: ٣٢] ،، بينما يعالج جريمة القتل بتوجيه النهي إلى الفعل نفسه، وهو جريمة بشعة؟ إذ ليس بعد الشرك بالله أعظم ولا أكبر من القتل،- ولكن النفس بطبيعتها تأباه وتنكره، قال عز وجل: (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ [الإسراء: ٣٣] ) ،.

وهذا يرينا إلى أيِّ حَد يسد الإسلام على هذه الجريمة كل منفذ، ويحجز النفس عن أسبابها.


(١) "الجامع لأحكام القرآن " (١٨/ ٧٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>