للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجففها، ووسائل الفوضى حتى يجتثها من جذورها.

يبقى أن ننبه إلى أنه في مقابل ذلك فتح للنكاح أبوابه على مصاريعها، وقضى على العقبات التي تعترضه بكل قوة، وهاك بعض وسائله في ذلك: علم س بالضرورة من دين الإسلام الترغيب في الزواج المشروع والحث عليه، وأنه من سنن الهدى، وجادة الإسلام.

ودلت نصوص الشريعة على النهي عن التبتل والرهبانية (١) ، وأنها مولود مبتدع في الديانة النصرانية شدَّد الله النكير على فعلتها، فليست العزوبة من أمر الإسلام في شيء، وحديث الرهط نص في ذلك كما ثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه (٢) ، ولهذا قَرَنَ في حديث آخر بين الأمر بالزواج، والنهي عن الرهبانية، وذلك فيما رواه أبو أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تزوجوا، فإني مكاثر بكم الأمم، ولا تكونوا كرهبانية النصارى" (٣)

وذكر الذهبي في "السير": أن طاوسا رحمه الله قال: "لا يتم نسك


(١) راجع "المرأة بين تكريم الإسلام، وإهانة الجاهلية" ص (١٦١- ١٦٣) .
(٢) ونص الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم: فلما أخبروا كأنهم تقالوها، قالوا: فأين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وقد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟
قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبدا، وقال الآخر: وأنا أصوم الدهر، ولا أفطر، وقال الآخر: وأنا أعتزل النساء، ولا أتزوج أبدًا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني ".
والحديث رواه البخاري (٥/٩) في النكاح: باب الترغيب في النكاح، ومسلم رقم (١٤٠١) فيه: باب استحباب النكاح، والنسائي (٦/٦٠) في النكاح أيضا باب النهي عن التبتل.
(٣) رواه البيهقي، وساقه الحافظ قي "الفتح " (٩/ ١٣) ، وسكت عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>