للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتميز هذا الموطأ بتفرد ابن وهب ببعض الأحاديث، وأيضا بروايته عن عدد من شيوخه، فيجمع بينهم في موضع واحد، وقد يبين الاختلاف بينهم.

وقد اهتم به العلماء وجعلوه موضع عناية ودراسة.

يقول ابن بشكو ال: في مقدمة كتابه (شيوخ ابن وهب) وكانوا أيدهم الله قد وقفوا هذه المدة اهتمامهم على النظر في موطأ ابن وهب، وصرفوا عنائهم لضبط رواياته، وتقييد أسانيده وحفظ رواته، اذ كان أشرف ما ألف وأحسن ما صنف (١).

ولقد كان طلاب الحديث اذا قدموا الى مصر حرصوا على روايته وربما أعطوا مالا لسماعه وروايته، قال سعيد بن عثمان: لما قدمنا مصر وجدنا ابن أخى ابن وهب، فجمعنا له دنانير وأعطيناها إياه فقرأ علينا موطأ عمه وجامعه (٢).

وقد كان اتقان الموطأ ومعرفته وحفظه منقبة تذكر لمن تيسر له ذلك، قال صاحب رياض النفوس في ترجمة ابى الغصن السوسي: كان يحفظ موطأ ابن وهب عن ظهر قلب (٣).

فهذا يدل على أهميته، وكذلك صنيع السمعاني في انتقائه بالتمثيل به مع كثرة مرويات عن شيخه أبى الحلبي، حيث يقول: سمعت منه الكثير، فمن جملة ما سمعت منه كتاب الموطأ، وساق سنده الى عبد الله بن وهب.

فتخصيصه الموطأ من جملة مروياته فيه قرينة على قدره عنده وعظيم منزلة مؤلفه، فمصنفاته موضع عناية ورعاية، لذلك حرص العلماء عليها.

قال سحنون: كادت كتب ابن وهب تفوتني، وبالله ما تشتري بكتاب منها الدنيا وما فيها، وما عميت عن مسألة قط الا وجدت فرجها في كتب ابن وهب (٤) وذلك لما احتوته من قيمة علمية.

قال سحنون فيكتاب الصمت من جامع ابن وهب: هذا الكتاب يورثه الرجل ولده خير من أن يورثه الدنيا بجميع ما فيها (٥).


(١) شيوخ ابن وهب لابن بشكوال، لوحة رقم ١.
(٢) جذوة المقتبس في تاريخ علماء الأندلس، للحميدي: ١٤٠.
(٣) رياض النفوس، لأبي بكر المالكي ١/ ٣٧٣.
(٤) رياض النفوس ١/ ٣٧٣.
(٥) المرجع السابق ٣٧٣/ ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>