للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَنَاقَضُ (١) فَيَجْعَلُ الْحَيِّزَ تَارَةً مَوْجُودًا وَتَارَةً مَعْدُومًا، كَالرَّازِيِّ (٢) وَغَيْرِهِ، كَمَا (قَدْ) (٣) بَسَطَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

فَمَنْ تَكَلَّمَ بِاصْطِلَاحِهِمْ وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ مُتَحَيِّزٌ بِمَعْنَى (أَنَّهُ) (٤) أَحَاطَ بِهِ شَيْءٌ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ فَهَذَا مُخْطِئٌ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَمَا ثَمَّ مَوْجُودٌ إِلَّا الْخَالِقُ وَالْمَخْلُوقُ. وَإِذَا كَانَ الْخَالِقُ بَائِنًا عَنِ الْمَخْلُوقِ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ الْخَالِقُ فِي الْمَخْلُوقِ، وَامْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ مُتَحَيِّزًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ. "

وَإِنْ أَرَادَ بِالْحَيِّزِ أَمْرًا عَدَمِيًّا فَالْأَمْرُ الْعَدَمِيُّ لَا شَيْءَ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ بَائِنٌ عَنْ (٥) خَلْقِهِ، فَإِذَا سَمَّى الْعَدَمَ الَّذِي فَوْقَ الْعَالَمِ حَيِّزًا، وَقَالَ: يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ الْعَالَمِ لِئَلَّا يَكُونَ مُتَحَيِّزًا، فَهَذَا مَعْنًى بَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مَوْجُودٌ غَيْرُهُ حَتَّى يَكُونَ فِيهِ وَقَدْ عُلِمَ بِالْعَقْلِ وَالشَّرْعِ أَنَّهُ بَائِنٌ عَنْ (٦) خَلْقِهِ، كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضُوعِ.

وَهُمَا مِمَّا احْتَجَّ بِهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا عَلَى الْجَهْمِيَّةِ - كَمَا احْتَجَّ بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رَدِّهِ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ - وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الْكِنَانِيُّ (٧) وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ


(١) ب، أ: يُنَاقِضُ.
(٢) انْظُرْ مَا سَبَقَ ٢/٣٥١ وَمَا بَعْدَهَا، وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ نَصَّ كَلَامِ الرَّازِيِّ فِي كِتَابِهِ " مُحَصِّلِ أَفْكَارِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ " (ص [٠ - ٩] ٥) وَذَكَرَ تَعْلِيقَ الطُّوسِيِّ فِي تَلْخِيصِ الْمُحَصِّلِ ثُمَّ عَلَّقَ عَلَى كَلَامِهِمَا.
(٣) مَا بَيْنَ الْقَوْسَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(٤) مَا بَيْنَ الْقَوْسَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(٥) ع: مِنْ.
(٦) ع: مِنْ.
(٧) ع: الْكَتَّانِيُّ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَهُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ الْكِنَانِيُّ الْمَكِّيُّ، كَانَ يُلَقَّبُ بِالْغُولِ لِدَمَامَتِهِ، سَمِعَ مِنْ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ وَكَانَ مِنْ تَلَامِيذِ الشَّافِعِيِّ، وَنَاظَرَ بِشْرًا الْمَرِيسِيَّ أَمَامَ الْمَأْمُونِ وَلَهُ كِتَابُ الْحَيْدَةِ، وَقَدْ تُوُفِّيَ سَنَةَ ٢٤٠. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ ٦/٣٦٣ ; الْعِبَرِ لِلذَّهَبِيِّ ١/٣٣٤ ; الْأَعْلَامِ ٤/١٥٤ - ١٥٥. وَانْظُرْ كِتَابَ " الْحَيْدَةِ " لَهُ، ص ٢٧ - ٢٨ ط. مَطْبَعَةِ الْإِمَامِ بِالْقَاهِرَةِ بِدُونِ تَارِيخٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>