للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَعِيدِ بْنِ كُلَّابٍ وَالْحَارِثُ الْمُحَاسَبِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَبَيَّنُوا (١) أَنَّهُ سُبْحَانَهُ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَلَمَّا خَلَقَهُمَا (٢) فَإِمَّا (٣) أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَ فِيهِمَا (٤) أَوْ دَخَلَتْ فِيهِ، وَكِلَاهُمَا مُمْتَنِعٌ، فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ بَائِنٌ عَنْهُمَا (٥) وَقَرَّرُوا ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُبَايِنًا لِخَلْقِهِ أَوْ مُدَاخِلًا لَهُ.

وَالنُّفَاةُ يَدَّعُونَ وُجُودَ مَوْجُودٍ لَا يَكُونُ مُبَايِنًا لِغَيْرِهِ (٦) وَلَا مُدَاخِلًا لَهُ، (٧) وَهَذَا مُمْتَنِعٌ فِي بِدَايَةِ الْعُقُولِ، لَكِنْ يَدَّعُونَ أَنَّ الْقَوْلَ بِامْتِنَاعِ ذَلِكَ هُوَ مِنْ حُكْمِ الْوَهْمِ لَا مِنْ حُكْمِ الْعَقْلِ. ثُمَّ إِنَّهُمْ تَنَاقَضُوا فَقَالُوا: لَوْ كَانَ فَوْقَ الْعَرْشِ لَكَانَ جِسْمًا، لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَمَيَّزَ مَا يَلِي هَذَا الْجَانِبَ عَمَّا يَلِي هَذَا الْجَانِبَ.

فَقَالَ لَهُمْ أَهْلُ الْإِثْبَاتِ: مَعْلُومٌ بِضَرُورَةِ الْعَقْلِ أَنَّ إِثْبَاتَ مَوْجُودٍ فَوْقَ الْعَالَمِ لَيْسَ بِجِسْمٍ، أَقْرَبُ إِلَى الْعَقْلِ مِنْ إِثْبَاتِ مَوْجُودٍ قَائِمٍ بِنَفْسِهِ لَيْسَ بِمُبَايِنٍ لِلْعَالَمِ وَلَا بِمُدَاخِلٍ لَهُ، فَإِنْ جَازَ إِثْبَاتُ الثَّانِي فَإِثْبَاتُ الْأَوَّلِ أَوْلَى.

وَإِذَا قُلْتُمْ: نَفْيُ هَذَا الثَّانِي مِنْ حُكْمِ الْوَهْمِ الْبَاطِلِ؛ قِيلَ لَكُمْ: (٨) فَنَفْيُ الْأَوَّلِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ حُكْمِ الْوَهْمِ الْبَاطِلِ.


(١) ع: وَيُثْبِتُونَ.
(٢) فَلَمَّا خَلَقَهُمَا: فِي (ع) فَقَطْ.
(٣) ب، أ: إِمَّا.
(٤) ب، أ: فِيهَا.
(٥) ب، أ: عَنْهَا.
(٦) ب: لَا مُبَايِنَ لِغَيْرِهِ ; أ: لَا مُبَايِنًا لِغَيْرِهِ.
(٧) ب (فَقَطْ) : وَلَا مُدَاخِلٌ لَهُ.
(٨) لَكُمْ: فِي (ع) فَقَطْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>