للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّ نَفْيَ الْأَوَّلِ مِنْ حُكْمِ الْعَقْلِ الْمَقْبُولِ ; فَنَفْيُ الثَّانِي أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ حُكْمِ الْعَقْلِ الْمَقْبُولِ.

وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا التَّنْبِيهُ.

وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ فِي لَفْظِ " الْجِهَةِ " فَإِنَّ مُسَمَّى لَفْظِ الْجِهَةِ يُرَادُ بِهِ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ (١) كَالْفَلَكِ الْأَعْلَى، وَيُرَادُ بِهِ أَمْرٌ عَدَمِيٌّ كَمَا وَرَاءَ الْعَالَمِ.

فَإِذَا أُرِيدَ الثَّانِي (أَمْكَنَ) (٢) أَنْ يُقَالَ: كُلُّ جِسْمٍ فِي جِهَةٍ. وَإِذَا أُرِيدَ الْأَوَّلُ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ جِسْمٍ فِي جِسْمٍ آخَرَ.

فَمَنْ قَالَ: الْبَارِي فِي جِهَةٍ، وَأَرَادَ بِالْجِهَةِ أَمْرًا مَوْجُودًا، فَكُلُّ مَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ لَهُ، (وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ) (٣) فِي جِهَةٍ بِهَذَا التَّفْسِيرِ فَهُوَ مُخْطِئٌ.

وَإِنْ أَرَادَ بِالْجِهَةِ أَمْرًا عَدَمِيًّا، وَهُوَ مَا فَوْقَ الْعَالَمِ، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ فَوْقَ الْعَالَمِ، فَقَدْ أَصَابَ. وَلَيْسَ فَوْقَ الْعَالَمِ مَوْجُودٌ غَيْرُهُ، فَلَا يَكُونُ سُبْحَانَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ.

وَأَمَّا إِذَا فَسَّرْتَ (٤) الْجِهَةَ بِالْأَمْرِ الْعَدَمِيِّ، فَالْعَدَمُ (٥) لَا شَيْءَ.

وَهَذَا وَنَحْوُهُ مِنَ الِاسْتِفْسَارِ، وَبَيَانِ مَا يُرَادُ بِاللَّفْظِ مِنْ مَعْنًى صَحِيحٍ وَبَاطِلٍ يُزِيلُ عَامَّةَ الشُّبَهِ.

فَإِذَا قَالَ نَافِي الرُّؤْيَةِ: لَوْ رُؤِيَ لَكَانَ فِي جِهَةٍ، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ، فَالرُّؤْيَةُ مُمْتَنِعَةٌ.


(١) ع: مَوْجُودٌ.
(٢) مَا بَيْنَ الْقَوْسَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(٣) مَا بَيْنَ الْقَوْسَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(٤) ع: وَإِذَا فَسَّرْتَ. . إِلَخْ.
(٥) ب (فَقَطْ) : فَالْعَدَمِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>