للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ: هَذَا لَا يَطَّرِدُ، بَلْ قَدْ يَذْهَبُ بَعْضُهُ وَتَبْقَى الْحَيَاةُ وَالْحِسُّ فِي بَعْضِهِ، وَقَدْ تَذْهَبُ الْحَيَاةُ وَالْحِسُّ عَنْ بَعْضِهِ بِذَهَابِ ذَلِكَ عَنِ الْبَعْضِ، كَمَا فِي الْقَلْبِ.

وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَالْحَيَاةُ وَالْحِسُّ يَتَّسِعُ بِاتِّسَاعِ مَحَلِّهِ، وَالْأَرْوَاحُ مُتَنَوِّعَةٌ، وَمَا يَقُومُ بِهَا مِنَ الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ يَتَنَوَّعُ بِتَنَوُّعِهَا، فَمَا عَظُمَ مِنَ الْمَوْصُوفَاتِ عَظُمَتْ صِفَاتُهَا، وَمَا كَانَ دُونَهَا كَانَتْ صِفَاتُهُ دُونَهُ.

وَأَيْضًا، فَالْوَهْمُ عِنْدَهُمْ قُوَّةٌ جُسْمَانِيَّةٌ قَائِمَةٌ بِالْجِسْمِ، مَعَ أَنَّهَا تُدْرِكُ فِي الْمَحْسُوسِ مَا لَيْسَ بِمَحْسُوسٍ، كَالصَّدَاقَةِ وَالْعَدَاوَةِ، وَذَلِكَ الْمَعْنَى مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ بِانْقِسَامِ مَحَلِّهِ عِنْدَهُمْ.

وَأَيْضًا، فَقُوَّةُ الْإِبْصَارِ الَّتِي فِي الْعَيْنِ قَائِمَةٌ بِجِسْمٍ يَنْقَسِمُ عِنْدَهُمْ، مَعَ أَنَّهَا لَا تَنْقَسِمُ بِانْقِسَامِ مَحَلِّهَا، بَلِ الِاتِّصَالُ شَرْطٌ فِيهَا، فَلَوْ فَسَدَ بَعْضُ مَحَلِّهَا فَسَدَتْ، وَلَا يَبْقَى بَعْضُهَا مَعَ فَسَادِ أَيِّ بَعْضٍ كَانَ، فَمَا كَانَ الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ قِيَامُ الْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ بِبَعْضِ الرُّوحِ - إِذَا قِيلَ: يَتَمَيَّزُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ - مَشْرُوطًا بِقِيَامِهِ بِالْبَعْضِ الْآخَرِ، بِحَيْثُ يَكُونُ الِاتِّصَالُ شَرْطًا فِي هَذَا الِاتِّصَافِ؟ (١) كَمَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي الْحَيَاةِ وَالْحِسِّ فِي بَعْضِ الْبَدَنِ، لَا تَقُومُ بِهِ الْحَيَاةُ وَالْحِسُّ إِلَّا إِذَا كَانَ مُتَّصِلًا نَوْعًا مِنَ الِاتِّصَالِ.

وَبَسْطُ الْكَلَامِ فِي (كَثِيرٍ مِنْ) (٢) هَذِهِ الْأُمُورِ يَتَعَلَّقُ بِالْكَلَامِ عَلَى رُوحِ الْإِنْسَانِ، الَّتِي تُسَمَّى النَّفْسَ النَّاطِقَةَ، وَعَلَى اتِّصَافِهَا بِصِفَاتِهَا، فَبِهَذَا


(١) فِي الْأَصْلِ: فِي هَذِهِ الِاتِّصَافِ.
(٢) بَعْدَ حَرْفِ (فِي) تُوجَدُ إِشَارَةٌ إِلَى الْهَامِشِ، وَلَمْ تَظْهَرِ الْكَلِمَاتُ السَّاقِطَةُ فِي الْمُصَوَّرَةِ، وَرَجَّحْتُ أَنْ تَكُونَ هِيَ مَا أَثْبَتُّهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>