للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقُرْآنَ صِفَةٌ وَعَرَضٌ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا بِفِعْلٍ، وَالصِّفَاتُ وَالْأَعْرَاضُ وَالْأَفْعَالُ لَا تَقُومُ إِلَّا بِالْأَجْسَامِ، أَجَابَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِأَنَّا نَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ أَحَدٌ صَمَدٌ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، وَأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا يُدْرَى مَقْصُودُ صَاحِبِهِ بِهِ، فَلَا نُطْلِقُهُ لَا نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا. أَمَّا (١) مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَلِأَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ (٢) وَسَلَفَ الْأُمَّةِ لَمْ يَتَكَلَّمُوا بِذَلِكَ لَا نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا، فَلَا قَالُوا (٣) : هُوَ جِسْمٌ، وَلَا قَالُوا: [هُوَ] (٤) لَيْسَ بِجِسْمٍ.

وَلَمَّا سَلَكَ مَنْ سَلَكَ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى حُدُوثِ الْعَالَمِ بِحُدُوثِ الْأَجْسَامِ، وَدَخَلُوا فِي هَذَا الْكَلَامِ، ذَمَّ السَّلَفُ (٥) الْكَلَامَ وَأَهْلَهُ، حَتَّى قَالَ أَبُو يُوسُفَ: مَنْ طَلَبَ الدِّينِ بِالْكَلَامِ تَزَنْدَقَ (٦) ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: حُكْمِي فِي أَهْلِ الْكَلَامِ أَنْ يُضْرَبُوا بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَيُطَافُ بِهِمْ فِي الْقَبَائِلِ وَالْعَشَائِرِ، وَيُقَالُ: هَذَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَأَقْبَلَ عَلَى الْكَلَامِ (٧) ، وَقَالَ: لَقَدِ اطَّلَعْتُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ عَلَى شَيْءٍ مَا ظَنَنْتُ مُسْلِمًا يَقُولُهُ،


(١) ب، أ: إِلَّا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٢) ب، أ: فَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ.
(٣) ب: فَمَا قَالُوا ; أ: فَلَمَّا قَالُوا ; ن، م: وَلَا قَالُوا.
(٤) هُوَ: سَاقِطَةٌ مَنَّ (ن) ، (م) .
(٥) السَّلَفُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(٦) وَرَدَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ بِنَصِّهَا هَذَا فِي كِتَابِ " ذَمِّ الْكَلَامِ " لِلْهَرَوِيِّ الْأَنْصَارِيِّ وَنَقَلَهَا عَنْهُ السُّيُوطِيُّ فِي كِتَابِهِ " صَوْنِ الْمَنْطِقِ وَالْكَلَامِ عَنْ فَنِّ الْمَنْطِقِ وَالْكَلَامِ "، ص ٦٠، وَسَبَقَ وُرُودُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ مِنْ قَبْلُ ٢/١٤٢. وَلَكِنْ جَاءَ فِيهَا: مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ بِالْكَلَامِ تَزَنْدَقَ، وَانْظُرْ (ت ٢) .
(٧) سَبَقَ وُرُودُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ ٢/١٤٢ وَذُكِرَتْ فِي (ت ٣) مَكَانِهَا فِي الْمَرْجِعِ السَّابِقِ. وَوَرَدَتْ فِيهِ أَيْضًا، ص ٣٥. وَهِيَ وَارِدَةٌ كَذَلِكَ فِي " تَلْبِيسِ إِبْلِيسَ " لِابْنِ الْجَوْزِيِّ، ص ٨٢ - ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>