للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَيْضًا، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ قَرَّرُوا ذَلِكَ (١) بِأَدِلَّةٍ عَقْلِيَّةٍ، كَقَوْلِهِمْ: كُلُّ مَوْجُودَيْنِ إِمَّا مُتَبَايِنَانِ وَإِمَّا مُتَدَاخِلَانِ (٢) ، وَقَالُوا: إِنَّ الْعِلْمَ بِذَلِكَ ضَرُورِيٌّ، وَقَالُوا: إِثْبَاتُ مَوْجُودٍ لَا يُشَارُ إِلَيْهِ مُكَابَرَةٌ لِلْحِسِّ وَالْعَقْلِ.

وَأَيْضًا، فَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْقُرْآنَ نَطَقَ (٣) بِالْعُلُوِّ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ [جِدًّا] (٤) ، حَتَّى قَدْ قِيلَ (٥) إِنَّهَا نَحْوُ (٦) ثَلَاثِمِائَةِ مَوْضِعٍ، وَالسُّنَنُ مُتَوَاتِرَةٌ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَكَلَامُ السَّلَفِ الْمَنْقُولِ عَنْهُمْ بِالتَّوَاتُرِ يَقْتَضِي اتِّفَاقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ (٧) مَنْ يُنْكِرُهُ.

وَمَنْ يُرِيدُ التَّشْنِيعَ عَلَى النَّاسِ، وَدَفْعَ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ لَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ حُجَّةً. وَلْنَفْرِضْ أَنَّهُ لَا يُنَاظِرُهُ إِلَّا أَئِمَّةُ أَصْحَابِهِ (٨) ، وَهُوَ لَمْ يَذْكُرْ دَلِيلًا إِلَّا قَوْلُهُ: " وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ فِي جِهَةٍ فَهُوَ مُحْدَثٌ وَمُحْتَاجٌ إِلَى تِلْكَ الْجِهَةِ ".

فَيُقَالُ لَهُ: لَمْ يَعْلَمُوا ذَلِكَ وَلَمْ تَذْكُرْ مَا بِهِ يُعْلَمُ ذَلِكَ (٩) ، فَإِنَّ قَوْلَكَ: مَا هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى تِلْكَ الْجِهَةِ، إِنَّمَا يَسْتَقِيمُ إِذَا كَانَتِ الْجِهَةُ أَمْرًا وُجُودِيًّا وَكَانَتْ لَازِمَةً لَهُ لَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا، فَلَا رَيْبَ أَنَّ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْبَارِي لَا يَقُومُ


(١) ب، أ: قَرَّرُوا فِي ذَلِكَ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٢) ع، أ: إِمَّا مُتَبَايِنَيْنِ وَإِمَّا مُتَدَاخِلَيْنِ ; ن، م: إِمَّا مُتَبَايِنَيْنِ أَوْ مُتَدَاخِلَيْنِ.
(٣) ب، أ، ن، م: يَنْطِقُ.
(٤) جِدًّا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٥) ع، م: حَتَّى قِيلَ.
(٦) نَحْوُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٧) ب، أ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ. وَسَقَطَتْ " يَكُنْ " مِنْ (ع) .
(٨) أَصْحَابِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(٩) ب: مَا بِهِ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ ; أ: مَا بِهِ يَعْلَمُوا ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>