للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا الْقَوْلُ يُرْوَى عَنْ (١) إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ (٢) ، قَالَ: مَا خَاصَمْتُ بِعَقْلِي كُلِّهِ إِلَّا الْقَدَرِيَّةَ، قُلْتُ: لَهُمْ (٣) أَخْبِرُونِي مَا الظُّلْمُ؟ قَالُوا: (٤) أَنْ يَتَصَرَّفَ الْإِنْسَانُ فِي مَا لَيْسَ لَهُ. قُلْتُ: فَلِلَّهِ كُلُّ شَيْءٍ.

وَهُمْ (٥) لَا يُسَلِّمُونَ أَنَّهُ لَوْ عَذَّبَهُ بِسَبَبِ لَوْنِهِ وَطُولِهِ وَقِصَرِهِ كَانَ ظَالِمًا حَتَّى يُحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِهَذَا الْقِيَاسِ، بَلْ يُجَوِّزُونَ التَّعْذِيبَ لَا بِجُرْمٍ (٦) سَابِقٍ وَلَا لِغَرَضٍ لَاحِقٍ. وَهَذَا الْمُشَنِّعُ لَمْ يَذْكُرْ دَلِيلًا عَلَى بُطْلَانِهِ، فَلَمْ يَذْكُرْ دَلِيلًا عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِهِمْ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الظُّلْمَ مَقْدُورٌ، وَاللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْهُ. وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ [مِنَ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ وَنُفَاتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنَ النُّظَّارِ الْمُثْبِتَةِ لِلْقَدَرِ، كَالْكَرَامِيَّةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَكَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي خَازِمِ (٧) . (٨) وَغَيْرِهِ وَهَذَا] (٩) كَتَعْذِيبِ الْإِنْسَانِ بِذَنْبِ غَيْرِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [سُورَةُ طه ١١٢] .


(١) ب، أ: يَرُدُّ عَلَى، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٢) أَبُو وَاثِلَةَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةٍ الْمُزَنِيُّ، سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ ٢/٣٠٤.
(٣) لَهُمْ: زِيَادَةٌ فِي (ب) ، (أ) فَقَطْ.
(٤) ع: قَالَ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٥) ن، م: وَهَؤُلَاءِ.
(٦) ع: بِلَا ظُلْمٍ ; م: بِلَا جُرْمٍ.
(٧) ب، أ، ع،: أَبِي حَازِمٍ. وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَّاءِ. سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ ١/١٤٣، ٢/٢٨٦
(٨) بْنِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى
(٩) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>