للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَمْثِلَةُ الَّتِي تُذْكَرُ (١) فِي الْمَخْلُوقِينَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذِكْرُ نَظِيرِهَا فِي حَقِّ الرَّبِّ، فَالْمَقْصُودُ [هُنَا] (٢) أَنَّهُ يُمْكِنُ فِي حَقِّ الْمَخْلُوقِ الْحَكِيمِ أَنْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِأَمْرٍ وَلَا يُعِينَهُ [عَلَيْهِ] (٣) ، فَالْخَالِقُ أَوْلَى بِإِمْكَانِ (٤) ذَلِكَ فِي حَقِّهِ مَعَ حِكْمَتِهِ، فَمَنْ أَمَرَهُ وَأَعَانَهُ عَلَى فِعْلِ الْمَأْمُورِ كَانَ ذَلِكَ الْمَأْمُورُ بِهِ تَعَلَّقَ بِهِ خَلْقُهُ وَأَمْرُهُ، فَشَاءَهُ خَلْقًا وَمَحَبَّةً، فَكَانَ (٥) مُرَادًا لِجِهَةِ الْخَلْقِ وَمُرَادًا لِجِهَةِ الْأَمْرِ. وَمَنْ لَمْ يُعِنْهُ عَلَى فِعْلِ الْمَأْمُورِ، كَانَ ذَلِكَ الْمَأْمُورُ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ أَمْرُهُ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ خَلْقُهُ (٦) ، لِعَدَمِ الْحِكْمَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِتَعَلُّقِ الْخَلْقِ بِهِ، وَلِحُصُولِ الْحِكْمَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِخَلْقِ ضِدِّهِ.

وَخَلْقُ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ يُنَافِي خَلْقَ الضِّدِّ الْآخَرِ، فَإِنَّ خَلْقَ الْمَرَضِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ ذُلُّ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ، وَدُعَاؤُهُ لِرَبِّهِ، وَتَوْبَتُهُ مِنْ ذُنُوبِهِ، وَتَكْفِيرُهُ خَطَايَاهُ، وَيَرِقُّ [بِهِ] (٧) قَلْبُهُ، وَيَذْهَبُ عَنْهُ الْكِبْرِيَاءُ وَالْعَظَمَةُ وَالْعُدْوَانُ، يُضَادُّ خَلْقَ الصِّحَّةِ الَّتِي لَا يَحْصُلُ مَعَهَا هَذِهِ الْمَصَالِحُ.

وَكَذَلِكَ خَلْقُ ظُلْمِ الظَّالِمِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ لِلْمَظْلُومِ مِنْ جِنْسِ مَا يَحْصُلُ بِالْمَرَضِ، يُضَادُّ خَلْقَ عَدْلِهِ الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِهِ هَذِهِ الْمَصَالِحُ، وَإِنْ كَانَتْ مَصْلَحَتُهُ [هُوَ] فِي (٨) أَنْ يَعْدِلَ.


(١) ن، م: ذُكِرَتْ.
(٢) هُنَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (ع) .
(٣) عَلَيْهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٤) أ، ب: لِإِمْكَانِ.
(٥) فَكَانَ: كَذَا فِي (ب) فَقَطْ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: كَانَ.
(٦) أ: قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ خَلْقُهُ، ب: قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ أَمْرُهُ دُونَ خَلْقِهِ.
(٧) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٨) ع: وَإِنْ كَانَتْ مَصْلَحَتُهُ فِي، ن، م: وَإِنْ كَانَ مَصْلَحَةً فِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>