للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَفْصِيلُ حِكْمَةِ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ يَعْجَزُ عَنْ مَعْرِفَتِهَا عُقُولُ الْبَشَرِ. وَالْقَدَرِيَّةُ دَخَلُوا فِي التَّعْلِيلِ عَلَى طَرِيقَةٍ فَاسِدَةٍ مَثَّلُوا اللَّهَ فِيهَا بِخَلْقِهِ، وَلَمْ يُثْبِتُوا (١) حِكْمَةً تَعُودُ إِلَيْهِ فَسَلَبُوهُ قُدْرَتَهُ وَحِكْمَتَهُ (٢) وَمَحَبَّتَهُ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ كَمَالِهِ، فَقَابَلَهُمْ خُصُومُهُمْ [الْجَهْمِيَّةُ الْمُجْبِرَةُ] (٣) بِبُطْلَانِ التَّعْلِيلِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.

كَمَا تَنَازَعُوا فِي مَسْأَلَةِ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ، فَأُولَئِكَ أَثْبَتُوهُ عَلَى طَرِيقَةٍ سَوَّوْا فِيهَا بَيْنَ اللَّهِ وَخَلْقِهِ (٤) ، وَأَثْبَتُوا حُسْنًا وَقُبْحًا لَا يَتَضَمَّنُ مَحْبُوبًا وَلَا مَكْرُوهًا، وَهَذَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ، كَمَا أَثْبَتُوا تَعْلِيلًا لَا يَعُودُ إِلَى الْفَاعِلِ حُكْمُهُ.

وَخُصُومُهُمْ سَوَّوْا بَيْنَ [جَمِيعِ] (٥) الْأَفْعَالِ، وَلَمْ يُثْبِتُوا لِلَّهِ مَحْبُوبًا وَلَا مَكْرُوهًا، وَزَعَمُوا أَنَّ الْحُسْنَ لَوْ كَانَ صِفَةً ذَاتِيَّةً لِلْفِعْلِ لَمْ يَخْتَلِفْ حَالُهُ. وَغَلِطُوا، فَإِنَّ الصِّفَةَ الذَّاتِيَّةَ لِلْمَوْصُوفِ قَدْ يُرَادُ بِهَا اللَّازِمَةُ لَهُ (٦) وَالْمَنْطِقِيُّونَ يُقَسِّمُونَ اللَّازِمَ إِلَى ذَاتِيٍّ وَعَرَضِيٍّ، وَإِنْ كَانَ هَذَا التَّقْسِيمُ خَطَأً. وَقَدْ يُرَادُ بِالصِّفَةِ الذَّاتِيَّةِ مَا تَكُونُ ثُبُوتِيَّةً قَائِمَةً بِالْمَوْصُوفِ، احْتِرَازًا عَنِ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ الْإِضَافِيَّةِ.

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ اضْطَرَبُوا فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، فَزَعَمَ (٧) نُفَاةُ الْحُسْنِ


(١) ع: وَلَمْ يُبَيِّنُوا.
(٢) ن فَقَطْ: فَسَلَبُوهُ حِكْمَتَهُ وَقُدْرَتَهُ وَحِكْمَتَهُ.
(٣) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٤) ن: وَبَيْنَ خَلْقِهِ.
(٥) جَمِيعِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٦) أ، ب: اللَّازِمُ لَهُ.
(٧) وَزَعَمُوا، ب: وَزَعَمَ، م: فَوَهِمَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>