للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُحْسِنِينَ وَالتَّوَّابِينَ، وَيَرْضَى عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، وَيَفْرَحُ بِتَوْبَةِ التَّائِبِ أَعْظَمَ مِنْ فَرَحِ الْفَاقِدِ لِرَاحِلَتِهِ الَّتِي عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فِي مُهْلِكَةٍ إِذَا وَجَدَهَا بَعْدَ الْإِيَاسِ (١) مِنْهَا كَمَا اسْتَفَاضَتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، كَقَوْلِهِ: " «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ مِنْ رَجُلٍ أَضَلَّ رَاحِلَتَهُ (٢) بِأَرْضٍ دَوِّيَّةٍ (٣) مُهْلِكَةٍ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَطَلَبَهَا فَلَمْ يَجِدْهَا، فَنَامَ يَنْتَظِرُ الْمَوْتَ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ إِذَا بِدَابَّتِهِ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ» " (٤) .

وَالْمُتَفَلْسِفَةُ (٥) يُعَبِّرُونَ بِلَفْظِ الْبَهْجَةِ وَاللَّذَّةِ (٦) وَالْعِشْقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَنِ الْفَرَحِ وَالْمَحَبَّةِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ سُبْحَانَهُ يُرِيدُ وُجُودَ [بَعْضِ] الْأَشْيَاءِ (٧) لِإِفْضَائِهَا إِلَى مَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَدْ لَا يَفْعَلُ بَعْضَ مَا يُحِبُّهُ لِكَوْنِهِ يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ مَا يَكْرَهُهُ وَيُبْغِضُهُ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِنْ كُلِّ نُطْفَةٍ رَجُلًا يَجْعَلُهُ مُؤْمِنًا بِهِ (٨) يُحِبُّهُ وَيُحِبُّ إِيمَانَهُ، لَكِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ (٩) مِنَ الْحِكْمَةِ، وَقَدْ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إِلَى مَا يُبْغِضُهُ وَيَكْرَهُهُ.


(١) ن، م، ع: الْيَأْسِ.
(٢) ن، ع: دَابَّتَهُ.
(٣) دَوِّيَّةٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، وَفِي (م) : دُونَهُ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ.
(٤) مَضَى الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ ٢ ٤٣٠، ٣ ١٦٢.
(٥) ع: وَالْمُتَفَلْسِفُونَ.
(٦) أ: بِلَفْظِ الْمَحَبَّةِ وَاللَّذَّةِ، ب: بِلَفْظِ اللَّذَّةِ.
(٧) ع: يُرِيدُ وُجُودَ الْأَشْيَاءِ، ن: يُرِيدُ وُجُودَ أَشْيَاءَ، م: يُرِيدُ الْأَشْيَاءَ.
(٨) بِهِ: زِيَادَةٌ فِي (ن) .
(٩) أ، ب، م: لِمَا فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>