للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا قِيلَ: فَهَلَّا يَفْعَلُ هَذَا وَيَمْنَعُ مَا يُبْغِضُهُ.

قِيلَ: مِنَ الْأَشْيَاءِ مَا يَكُونُ مُمْتَنِعًا لِذَاتِهِ، وَمِنْهَا مَا يَكُونُ مُمْتَنِعًا لِغَيْرِهِ، وَاللَّذَّةُ (١) الْحَاصِلَةُ بِالْأَكْلِ لَا تَحْصُلُ هِيَ وَلَا نَوْعُهَا (٢) بِالشُّرْبِ (٣) وَالسَّمَاعِ وَالشَّمِّ، وَإِنَّمَا تَحْصُلُ لَذَّةٌ أُخْرَى.

وَوُجُودُ لَذَّةِ الْأَكْلِ فِي الْفَمِ تُنَافِي حُصُولَ لَذَّةِ الشُّرْبِ فِي تِلْكَ الْحَالِ، وَتَلَذُّذُ الْعَبْدِ بِسَمَاعِ بَعْضِ (٤) الْأَصْوَاتِ يَمْنَعُ تَلَذُّذَهُ بِسَمَاعِ صَوْتٍ آخَرَ فِي تِلْكَ الْحَالِ، فَلَيْسَ كُلُّ مَا هُوَ مَحْبُوبٌ لِلْعَبْدِ وَلَذِيذٌ لَهُ يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُ فِي آنٍ (٥) وَاحِدٍ، بَلْ لَا يُمْكِنُ حُصُولُ (٦) أَحَدِ الضِّدَّيْنِ إِلَّا بِتَفْوِيتِ الْآخَرِ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ (٧) مَخْلُوقٍ إِلَّا لَهُ لَوَازِمُ وَأَضْدَادٌ، فَلَا يُوجَدُ إِلَّا بِوُجُودِ لَوَازِمِهِ وَمَعَ عَدَمِ أَضْدَادِهِ (٨) وَالرَّبُّ تَعَالَى إِذَا كَانَ يُحِبُّ مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يُسَافِرَ لِلْحَجِّ وَيُسَافِرَ لِلْجِهَادِ، فَأَيُّهُمَا فَعَلَهُ (٩) كَانَ مَحْبُوبًا لَهُ، لَكِنْ لَا يُمْكِنُ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ (١٠) أَنْ يُسَافِرَ الْعَبْدُ إِلَى الشَّرْقِ وَإِلَى الْغَرْبِ (١١) ، بَلْ لَا يُمْكِنُ (١٢) حُصُولُ هَذَيْنِ الْمَحْبُوبَيْنِ جَمِيعًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، فَلَا يَحْصُلُ


(١) أ، ب: فَاللَّذَّةُ.
(٢) أ، ب: هِيَ وَأَنْوَاعُهَا.
(٣) ع: بِالشَّرَابِ.
(٤) ن: تِلْكَ.
(٥) ن: لَوْنٍ، م: أَوَانٍ.
(٦) حُصُولُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، (ع) .
(٧) شَيْءٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٨) ن: وَمَنْعِ عَدَمِ أَضْدَادِهِ، م: وَمَنْعِ أَضْدَادِهِ.
(٩) أ، ب: فَعَلَ.
(١٠) م: فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، أ: فِي وَاحِدَةٍ، ب: فِي آنٍ وَاحِدٍ.
(١١) ع، ن: إِلَى الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ.
(١٢) ن، م، ع: فَلَا يُمْكِنُ، أ: بَلْ يُمْكِنُ، وَهُوَ خَطَأٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>