للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا: إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِإِبْلِيسَ فِعْلٌ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ (١) فِعْلٌ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِعْلٌ امْتَنَعَ أَنْ يُسْتَعَاذَ بِهِ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُعِيذُ أَحَدًا وَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا. وَإِنْ كَانَ لَهُ فِعْلٌ بَطَلَ تَنْزِيهُهُ عَنِ الْمَعَاصِي، فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا الِاعْتِرَاضَ سَاقِطٌ عَلَى قَوْلِ مُثْبِتَةِ الْقَدَرِ وَنُفَاتِهِ، وَهُوَ إِيرَادُ مَنْ غَفَلَ عَنِ الْقَوْلَيْنِ، وَكَذَلِكَ (٢) بِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يَكُونَ لِإِبْلِيسَ فِعْلٌ، فَلَا يَكُونُ مِنْهُ (٣) شَرٌّ حَتَّى يُقَالَ: إِنَّ غَيْرَهُ شَرٌّ مِنْهُ، فَضْلًا عَنْ أَنْ (٤) يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ [تَعَالَى] (٥) شَرٌّ مِنْ إِبْلِيسَ (٦) .

فَدَعْوَى هَذَا أَنَّ هَؤُلَاءِ يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَكُونَ (٧) اللَّهُ شَرًّا عَلَيْهِمْ مِنْ إِبْلِيسَ - دَعْوَى بَاطِلَةٌ، إِذْ غَايَةُ مَا يَقُولُهُ الْقَائِلُ هُوَ الْجَبْرُ الْمَحْضُ (٨) ، كَمَا يُحْكَى عَنِ الْجَهْمِ وَشِيعَتِهِ، وَغَايَةُ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ (٩) لِإِبْلِيسَ وَلَا غَيْرِهِ قُدْرَةٌ وَلَا مَشِيئَةٌ وَلَا فِعْلٌ، بَلْ تَكُونُ حَرَكَتُهُ كَحَرَكَةِ الْهَوَاءِ (١٠) ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَلَا يَكُونُ مِنْهُ لَا خَيْرٌ وَلَا شَرٌّ، وَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْخَالِقُ لِهَذَا كُلِّهِ، فَكَيْفَ يُقَالُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ (١١) إِنَّ بَعْضَ مَخْلُوقَاتِهِ شَرٌّ مِنْهُ.


(١) أ، ب: لِإِبْلِيسَ.
(٢) أ، ب: وَذَلِكَ.
(٣) أ، ب: لَهُ.
(٤) أَنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٥) تَعَالَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (ع) .
(٦) أ، ب: شَرٌّ مِنْهُ.
(٧) أ، ب: فَدَعْوَى هَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونَ.
(٨) أ: الْقَائِلُ هُوَ الْخَبَرُ الْمَحْضُ، ن: الْقَائِلُ الْخَيْرُ الْمَحْضُ، م: الْقَائِلُ بِالْجَبْرِ الْمُحَقَّقِ، ع: الْقَائِلُ بِالْجَبْرِ الْمَحْضِ.
(٩) ن: أَنْ لَا يَكُونُوا، م: لَا يَكُونَ.
(١٠) أ: الْهَوَى ; ب: الْهَوِيِّ.
(١١) سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>