للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ إِنَّمَا تَحْسُنُ الِاسْتِعَاذَةُ بِإِبْلِيسَ لَوْ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُعِيذَهُمْ مِنَ اللَّهِ، سَوَاءٌ كَانَ اللَّهُ خَالِقًا لِأَفْعَالِ الْعِبَادِ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَهَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّةُ، كَالْمُصَنِّفِ وَأَمْثَالِهِ هُمْ (١) مَعَ قَوْلِهِمْ: إِنَّ إِبْلِيسَ يَفْعَلُ مَا لَا يُقَدِّرُهُ اللَّهُ (٢) ، وَيَفْعَلُ بِدُونِ مَشِيئَةِ اللَّهِ وَيَكُونُ فِي مُلْكِ اللَّهِ مَا لَا يَشَاؤُهُ (٣) ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يَقْدِرُ (* عَلَى أَنْ يُحَرِّكَ إِبْلِيسَ وَلَا غَيْرَهُ مِنَ الْأَحْيَاءِ، وَلَا يَنْقُلَهُمْ مِنْ عَمَلٍ إِلَى عَمَلٍ: لَا مِنْ خَيْرٍ إِلَى شَرٍّ، وَلَا مِنْ شَرٍّ إِلَى خَيْرٍ، فَهُمْ مُسَلِّمُونَ (٤) مَعَ هَذَا *) (٥) الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَالتَّسْلِيطِ الَّذِي أَثْبَتُوهُ لِإِبْلِيسَ (٦) مِنْ دُونِ اللَّهِ - أَنَّ إِبْلِيسَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُجِيرَ (٧) عَلَى اللَّهِ، وَلَا يُعِيذَ أَحَدًا مِنْهُ، فَامْتَنَعَ عَلَى هَذَا أَنْ يُسْتَعَاذَ بِهِ، وَلَوْ قَدَرَ - وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ - مَا أَلْزَمُوهُ مِنْ كَوْنِ غَيْرِ إِبْلِيسَ شَرًّا مِنْهُ عَلَى الْخَلْقِ لَكِنَّهُ مَعَ هَذَا عَاجِزٌ عَنْ دَفْعِ (٨) قَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، فَكَانَ الْمُسْتَعِيذُ بِهِ، بَلْ بِسَائِرِ الْمَخْلُوقِينَ مَخْذُولًا.

كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا} [سُورَةُ الْإِسْرَاءِ: ٢٢] وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ - سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [سُورَةُ


(١) هُمْ زِيَادَةٌ فِي (ن) ، (م) .
(٢) ن، م: يُقَدِّرُهُ اللَّهُ عَلَيْهِ.
(٣) ن، م: مَا لَا يَشَاؤُهُ اللَّهُ.
(٤) ن: يُسَلِّمُونَ.
(٥) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(٦) ن، م: وَلِإِبْلِيسَ وَهُوَ خَطَأٌ.
(٧) ع، أ: يُجْبِرَ.
(٨) ب فَقَطْ: رَفْعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>