للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إِنَّهُ رَجُلُ الْمُعْتَزِلَةِ (١) وَقَالَ هُنَا (٢) : إِنَّهُ قَدْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْقُدْرَةَ وَالْإِرَادَةَ يُوجِبَانِ وُجُودَ الْمَقْدُورِ فَكَيْفَ بَطَلَ قَوْلُهُمْ بِالْكُلِّيَّةِ.

وَبَيَانُهُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ مَعْنَى الِاخْتِيَارِ هُوَ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقُدْرَةِ وَحْدَهَا وَوُجُوبُ وُقُوعِ أَحَدِهِمَا بِحَسَبِ الْإِرَادَةِ، فَمَتَى حَصَلَ الْمُرَجِّحُ التَّامُّ (٣) وَهُوَ الْإِرَادَةُ وَجَبَ الْفِعْلُ وَمَتَى لَمْ يَحْصُلِ امْتَنَعَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُنَافٍ لِاسْتِوَاءِ الطَّرَفَيْنِ بِالْقِيَاسِ إِلَى الْقُدْرَةِ وَحْدَهَا، فَإِذًا اللُّزُومُ الَّذِي ذَكَرَهُ غَيْرُ قَاطِعٍ فِي إِبْطَالِ قَوْلِهِمْ.

قُلْتُ: الْقَوْلُ الَّذِي قَطَعَ بُطْلَانَهُ الرَّازِيُّ هُوَ الْقَوْلُ (٤) الْمَشْهُورُ عَنْهُمْ، وَهُوَ أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّاعِي بَلِ الْقَادِرُ يُرَجِّحُ أَحَدَ مَقْدُورَيْهِ (٥) عَلَى الْآخَرِ بِلَا مُرَجِّحٍ فَيُحْدِثُ الدَّاعِي لَهُ الْفِعْلَ كَالْإِرَادَةِ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ قَادِرًا مَعَ اسْتِوَاءِ الْقُدْرَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى وُجُودِ ذَلِكَ وَعَدَمِهِ.

وَالدَّاعِي قَدْ يُفَسَّرُ بِالْعِلْمِ أَوِ الِاعْتِقَادِ أَوِ الظَّنِّ (٦) وَقَدْ يُفَسَّرُ بِالْإِرَادَةِ وَقَدْ يُفَسَّرُ بِالْمَجْمُوعِ وَقَدْ يُفَسَّرُ بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْمُرَادُ مِمَّا يَقْتَضِي إِرَادَتَهُ.

وَالرَّازِيُّ يَقُولُ: إِنَّ أَبَا الْحُسَيْنِ مُتَنَاقِضٌ فَإِنَّ الرَّازِيَّ ذَكَرَ فِي الْأَقْوَالِ


(١) ع: إِنَّهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ.
(٢) ع: وَهُنَا قَالَ.
(٣) ع: فَمَتَى حَصَلَ حَصَلَ الْمُرَجِّحُ التَّامُّ.
(٤) الْقَوْلُ سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٥) أ: أَحَدَ مَقْدُورَاتِهِ.
(٦) ع: وَالِاعْتِقَادِ وَالظَّنِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>