للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلَ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ الْفِعْلَ مَوْقُوفٌ عَلَى الدَّاعِي، فَإِذَا حَصَلَتِ الْقُدْرَةُ وَانْضَمَّ إِلَيْهَا الدَّاعِي صَارَ مَجْمُوعُهُمَا عِلَّةً لِوُجُوبِ الْفِعْلِ.

قَالَ (١) : وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْفَلَاسِفَةِ وَاخْتِيَارُ أَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ يَدَّعِي الْغُلُوَّ فِي الِاعْتِزَالِ، حَتَّى ادَّعَى أَنَّ الْعِلْمَ بِأَنَّ الْعَبْدَ مُوجِدٌ لِأَفْعَالِهِ ضَرُورِيٌّ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْفِعْلَ مَوْقُوفٌ عَلَى الدَّاعِي، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ يَمْتَنِعُ وُقُوعُهُ، فَحَالَ الْمَرْجُوحِيَّةِ أَوْلَى بِالِامْتِنَاعِ، وَإِذَا امْتَنَعَ الْمَرْجُوحُ وَجَبَ الرَّاجِحُ لِأَنَّهُ لَا خُرُوجَ عَنِ النَّقِيضَيْنِ وَهَذَا عَيْنُ الْقَوْلِ بِالْجَبْرِ، لِأَنَّ الْفِعْلَ (٢) وَاجِبُ الْوُقُوعِ عِنْدَ حُصُولِ الْمُرَجِّحِ، وَمُمْتَنِعُ الْوُقُوعِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُرَجِّحِ، فَثَبَتَ أَنَّ أَبَا الْحُسَيْنِ كَانَ عَظِيمَ الْغُلُوِّ فِي الْقَوْلِ بِالْجَبْرِ، وَإِنْ كَانَ يَدَّعِي فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ أَنَّهُ عَظِيمُ الْغُلُوِّ فِي الِاعْتِزَالِ.

قُلْتُ: هَذَا الْقَوْلُ هُوَ (٣) قَوْلُ جَمَاهِيرِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَئِمَّتِهِمْ (٤) وَيَقْرُبُ مِنْهُ قَوْلُ أَبِي الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي خَازِمٍ (٥) ابْنِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى، وَقَوْلُ الْكَرَّامِيَّةِ، وَهُوَ حَقِيقَةُ الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ فِعْلِ الْعَبْدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى (٦) قَوْلِ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُثْبِتِينَ لِلْأَسْبَابِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لِقُدْرَةِ الْعَبْدِ تَأْثِيرٌ فِي الْفِعْلِ.


(١) لَمْ أَتَمَكَّنْ مِنَ الْعُثُورِ عَلَى النَّصِّ التَّالِي مِنْ كَلَامِ الرَّازِيِّ فِيمَا هُوَ مَطْبُوعٌ مِنْ كُتُبِهِ.
(٢) أ، ب: لِأَنَّ الْمُرَادَ.
(٣) هُوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٤) ع: وَأَئِمَّتِهَا.
(٥) فِي النُّسَخِ الثَّلَاثِ: أَبِي حَازِمٍ، وَهُوَ حَازِمٌ.
(٦) عَلَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>