للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا مَنْ قَالَ: لَا تَأْثِيرَ لَهَا كَالْأَشْعَرِيِّ، فَإِذَا فَسَّرَ الْوُجُوبَ بِالْوُجُوبِ الْعَادِيِّ لَمْ يَمْتَنِعْ ذَلِكَ، وَإِنْ فَسَّرَ (١) بِالْعَقْلِيِّ امْتَنَعَ.

وَأَمَّا لَفْظُ الْجَبْرِ فَالنِّزَاعُ فِيهِ لَفْظِيٌّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَيْسَ هُوَ فِي اللُّغَةِ ظَاهِرًا فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَلِهَذَا أَنْكَرَ السَّلَفُ إِطْلَاقَهُ، فَإِذَا قَالَتِ الْقَدَرِيَّةُ: هَذَا يُنَافِي كَوْنَهُ مُخْتَارًا لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْمُخْتَارِ إِلَّا كَوْنُهُ قَادِرًا عَلَى الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ، وَأَنَّهُ إِذَا شَاءَ فَعَلَ هَذَا وَإِذَا شَاءَ فَعَلَ هَذَا.

قِيلَ لَهُمْ: هَذَا مُسَلَّمٌ وَلَكِنْ يُقَالُ: هُوَ قَادِرٌ عَلَى الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ الْجَمْعِ، وَالثَّانِي بَاطِلٌ فَإِنَّهُ فِي حَالِ كَوْنِهِ فَاعِلًا لَا يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ تَارِكًا مَعَ كَوْنِهِ فَاعِلًا، وَكَذَلِكَ حَالُ كَوْنِهِ تَارِكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى كَوْنِهِ فَاعِلًا مَعَ كَوْنِهِ تَارِكًا، فَإِنَّ الْفِعْلَ وَالتَّرْكَ ضِدَّانِ، وَاجْتِمَاعُهُمَا مُمْتَنِعٌ، وَالْقُدْرَةُ لَا تَكُونُ عَلَى مُمْتَنِعٍ.

فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَنَا قَادِرٌ عَلَى الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ، أَيْ يَقْدِرُ أَنْ يَفْعَلَ فِي حَالِ عَدَمِ التَّرْكِ، وَيَقْدِرُ أَنْ يَتْرُكَ فِي حَالِ عَدَمِ الْفِعْلِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ: الْقَادِرُ (٢) إِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ، لَا يَقْدِرُ أَنْ يَشَاءَ الْفِعْلَ وَالتَّرْكَ مَعًا، بَلْ حَالَ مَشِيئَتِهِ لِلْفِعْلِ لَا يَكُونُ مُرِيدًا لِلتَّرْكِ (٣ وَحَالَ مَشِيئَتِهِ لِلتَّرْكِ لَا يَكُونُ مُرِيدًا لِلْفِعْلِ (٣) ٣) .

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْقَادِرُ الَّذِي (٤) إِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ؛ حَالَ كَوْنِهِ


(١) ب فَقَطْ: فَسَّرَهُ.
(٢) الْقَادِرُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٣) (٣ - ٣) سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٤) الَّذِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .

<<  <  ج: ص:  >  >>