للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَاءَ الْفِعْلَ (١) مَعَ الْقُدْرَةِ التَّامَّةِ يَجِبُ وُجُودُ الْفِعْلِ، وَحَالَ وُجُودِ الْفِعْلِ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مُرِيدًا لِلتَّرْكِ مَعَ الْفِعْلِ، وَأَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى وُجُودِ التَّرْكِ مَعَ الْفِعْلِ، بَلْ قُدْرَتُهُ عَلَى الْفِعْلِ (٢) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَكُونُ بَعْدَ الْفِعْلِ تَارِكًا لَهُ، فَيَكُونُ قَادِرًا عَلَى التَّرْكِ فِي الزَّمَنِ الثَّانِي مِنْ وُجُودِ الْفِعْلِ، لَا حَالَ وُجُودِ الْفِعْلِ.

وَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ: (٣) هَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ وَاجِبًا لَا مُمْكِنًا، فَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ يَصِيرُ (٤) وَاجِبًا بِغَيْرِهِ بَعْدَ كَوْنِهِ مُمْكِنًا فِي نَفْسِهِ، فَهَذَا حَقٌّ كَمَا أَنَّهُ يَصِيرُ مَوْجُودًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مَعْدُومًا، وَفِي حَالِ وُجُودِهِ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا.

وَكُلُّ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَهُوَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ فَإِنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ (٥) ، فَوَجَبَ وُجُودُهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ فَيَمْتَنِعُ وُجُودُهُ لِعَدَمِ مَشِيئَةِ اللَّهِ لَهُ، مَعَ أَنَّ مَا شَاءَهُ مَخْلُوقٌ مُحْدَثٌ مَفْعُولٌ لَهُ، وَكَانَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ يُمْكِنُ (٦) أَنْ يُوجَدَ وَيُمْكِنُ أَنْ لَا يُوجَدَ، فَأَمَّا بَعْدَ أَنْ صَارَ مَوْجُودًا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا مَعَ كَوْنِهِ مَوْجُودًا، (* وَإِنَّمَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْدَمَ بَعْدَ وُجُودِهِ، وَلَيْسَ فِي الْأَشْيَاءِ مَا يُمْكِنُ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ مَعًا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ، بَلْ يُمْكِنُ وُجُودُهُ بَدَلًا عَنْ عَدَمِهِ وَعَدَمُهُ بَدَلٌ عَنْ وُجُودِهِ


(١) ع: شَاءَ لِلْفِعْلِ.
(٢) ب فَقَطْ عَلَى التَّرْكِ.
(٣) ب فَقَطْ: قَائِلٌ.
(٤) أ: فَإِنْ أَرَادَ بِهِ يَصِيرُ، ب: فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَصِيرُ.
(٥) ع: فَإِنَّ مَا شَاءَ كَانَ.
(٦) أفَقَطْ: قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ لَمْ يَكُنْ يُمْكِنُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>