للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمُوَافَقَتِهِ (١) الْمُعْتَزِلَةَ فِي نَفْيِ ذَلِكَ وَنَفْيِ مَلْزُومَاتِهِ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا وَافَقُوهُمْ عَلَى صِحَّةِ الدَّلِيلِ الَّذِي اسْتَدَلَّتْ بِهِ الْمُعْتَزِلَةُ عَلَى حُدُوثِ الْعَالَمِ، وَهُوَ أَنَّ الْجِسْمَ لَا يَخْلُو عَنِ (* الْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ، وَمَا لَا يَخْلُو عَنْهُمَا فَهُوَ حَادِثٌ، لِامْتِنَاعِ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا.

قَالُوا: فَيَلْزَمُ حُدُوثُ كُلِّ جِسْمٍ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ *) (٢) الْبَارِئُ جِسْمًا ; لِأَنَّهُ قَدِيمٌ، وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فِي جِهَةٍ ; لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي الْجِهَةِ إِلَّا جِسْمٌ (٣) ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مُقَابِلًا لِلرَّائِي ; لِأَنَّ الْمُقَابَلَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا بَيْنَ جِسْمَيْنِ (٤) .

وَلَا رَيْبَ أَنَّ جُمْهُورَ (٥) الْعُقَلَاءِ مِنْ مُثْبِتِي الرُّؤْيَةِ وَنُفَاتِهَا يَقُولُونَ: إِنَّ هَذَا الْقَوْلَ مَعْلُومٌ الْفَسَادَ بِالضَّرُورَةِ؛ وَلِهَذَا يَذْكُرُ الرَّازِيُّ أَنَّ جَمِيعَ فِرَقِ الْأُمَّةِ تُخَالِفُهُمْ فِي ذَلِكَ.

لَكِنْ هُمْ يَقُولُونَ لِهَذَا الْمُشَنِّعِ عَلَيْهِمْ: نَحْنُ أَثْبَتْنَا الرُّؤْيَةَ وَنَفَيْنَا الْجِهَةَ، فَلَا يَلْزَمُ مَا ذَكَرْتَهُ (٦) ، فَإِنْ أَمْكَنَ رُؤْيَةُ الْمَرْئِيِّ (٧) لَا فِي جِهَةٍ مِنَ الرَّائِي صَحَّ قَوْلُنَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَزِمَ خَطَؤُنَا فِي إِحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ: إِمَّا فِي نَفْيِ (٨) الرُّؤْيَةِ وَإِمَّا فِي نَفْيِ مُبَايَنَةِ اللَّهِ لِخَلْقِهِ وَعُلُوِّهِ عَلَيْهِمْ.


(١) أ، ن، م: لِمُوَافَقَتِهِمْ.
(٢) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(٣) أ، ب: الْجِسْمُ.
(٤) ن: إِلَّا مِنْ جِسْمَيْنِ، م: لَا يَكُونُ بَيْنَ جِسْمَيْنِ.
(٥) جُمْهُورَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٦) أ، ب: فَلَزِمَ مَا ذَكَرْتَهُ.
(٧) أ، ب: الرَّائِي، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٨) أ، ب: ثُبُوتِ، وَهُوَ خَطَأٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>