للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَوَابُ الرَّابِعُ: أَنَّ الْأَشْعَرِيَّةَ تَقُولُ (١) : إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ بِحَضْرَتِنَا مَا لَا نَرَاهُ وَلَا نَسْمَعُهُ مِنَ الْأَجْسَامِ وَالْأَصْوَاتِ، وَأَنْ يُرِيَنَا مَا بَعُدَ مِنَّا، لَا يَقُولُونَ: إِنَّ هَذَا وَاقِعٌ، بَلْ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كُلُّ مَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ يَشُكُّونَ فِي وُقُوعِهِ، بَلْ يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ وَاقِعًا (٢) الْآنَ، وَتَجْوِيزُ الْوُقُوعِ غَيْرُ الشَّكِّ فِي الْوُقُوعِ.

وَعِبَارَةُ هَذَا النَّاقِلِ تَقْتَضِي أَنَّهُمْ يُجَوِّزُونَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْآنَ مَوْجُودًا وَنَحْنُ لَا نَرَاهُ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ، وَلَكِنَّ هَذَا قِيلَ لَهُمْ بِطَرِيقِ الْإِلْزَامِ. قِيلَ [لَهُمْ] (٣) : إِذَا جَوَّزْتُمُ الرُّؤْيَةَ فِي غَيْرِ جِهَةٍ، فَجَوِّزُوا هَذَا. فَقَالُوا: نَعَمْ نُجَوِّزُ. كَمَا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: رُؤْيَةُ اللَّهِ جَائِزَةٌ فِي الدُّنْيَا، أَيْ: هُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُرِنَا نَفْسَهُ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ مَعَ هَذَا أَنَّ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ لَا يَرَى اللَّهَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا مَا تُنُوزِعَ فِيهِ مِنْ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَبَّهُ، وَمَنْ شَكَّ مِنْهُمْ فِي وُقُوعِ الرُّؤْيَةِ فِي الدُّنْيَا فَلِجَهْلِهِ (٤) بِالْأَدِلَّةِ النَّافِيَةِ لِذَلِكَ.

وَقَدْ ذَكَرَ الْأَشْعَرِيُّ فِي وُقُوعِ الرُّؤْيَةِ بِالْأَبْصَارِ فِي الدُّنْيَا لِغَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلَيْنِ؛ لَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ قَاطِبَةً (٥) أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ بِعَيْنَيْهِ (٦) فِي الدُّنْيَا.

وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (٧) وَغَيْرُهُ اتِّفَاقَ السَّلَفِ عَلَى هَذَا


(١) ن، م: يَقُولُونَ.
(٢) أ، ب: لَيْسَ بِوَاقِعٍ.
(٣) لَهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٤) أ، ب: فَلِجَهْلِهِمْ.
(٥) قَاطِبَةً: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٦) بِعَيْنَيْهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٧) ن، م: وَذَكَرَ أَحْمَدُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>