للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالشِّيعَةُ وَالسُّنِّيَّةُ يَرْوُونَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ لَمَّا مَرَّ بِكَرْبَلَاءَ قَالَ: صَبَرًا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، صَبْرًا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يُخَاطِبُ الْحُسَيْنَ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ سَيُقْتَلُ، وَهَذَا قَبْلَ أَنْ يَحْضُرَ الْحُسَيْنُ بِكَرْبَلَاءَ وَيُطْلَبُ قَتْلُهُ.

وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ الدَّجَّالَ وَخُرُوجَهُ وَأَنَّهُ قَالَ: " «يَا عِبَادَ اللَّهِ اثْبُتُوا» " (١) وَبَعْدُ لَمْ يُوجَدْ عِبَادُ اللَّهِ أُولَئِكَ.

وَالْمُسْلِمُونَ يَقُولُونَ فِي صَلَاتِهِمْ: " السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ " وَلَيْسَ هُوَ حَاضِرًا عِنْدَهُمْ وَلَكِنَّهُ حَاضِرٌ فِي قُلُوبِهِمْ.

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [سُورَةُ يس: ٨٢] وَهَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ هُوَ خِطَابٌ يَكُونُ (٢) لِمَنْ يَعْلَمُهُ الرَّبُّ تَعَالَى فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بَعْدُ. وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ شِرْعَةِ التَّكْوِينِ فَقَدْ خَالَفَ مَفْهُومَ الْخِطَابِ، وَحَمْلُ الْآيَةِ عَلَى ذَلِكَ يَسْتَدْعِي اسْتِعْمَالَ الْخِطَابِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى، وَأَنَّ هَذَا مِنَ اللُّغَةِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْمِلَ خِطَابَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ عَلَى مَا يَخْطِرُ لَهُ.


(١) هَذِهِ الْعِبَارَةُ جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْكِلَابِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ ٢ - ١٣٥٦، ١٣٥٩ كِتَابَ الْفِتَنِ بَابَ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَأَوَّلُهُ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدَّجَّالَ الْغَدَاةَ، فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا، فَقَالَ: وَمَا شَأْنُكُمْ؟ . . . الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ خَلَّةٍ بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا، يَا عِبَادَ اللَّهِ اثْبُتُوا، وَوَرَدَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنِ الدَّجَّالِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ ٢ - ١٣٥٩، ١٣٦٣ الْكِتَابُ وَالْبَابُ السَّابِقَانِ فِي ص ١٣٦٠.
(٢) ن، م: تَكْوِينٍ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>