للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلِ الْقُرْآنُ نَزَلَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ، بَلْ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ، وَقَدْ عُلِمَتِ الْعَادَةُ الْمَعْرُوفَةُ فِي خِطَابِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخْرُجَ عَنْهَا.

وَبِالْجُمْلَةِ فَنَحْنُ لَيْسَ مَقْصُودُنَا هَنَا نَصْرَ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: الْقُرْآنُ قَدِيمٌ، فَإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ أَوَّلُ مَنْ عُرِفَ أَنَّهُ قَالَهُ فِي الْإِسْلَامِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كُلَّابٍ، وَاتَّبَعَهُ عَلَى ذَلِكَ طَوَائِفُ، فَصَارُوا حِزْبَيْنِ: حِزْبًا يَقُولُ: الْقَدِيمُ هُوَ مَعْنًى قَائِمٌ بِالذَّاتِ، وَحِزْبًا يَقُولُ: هُوَ حُرُوفٌ، أَوْ حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ.

وَقَدْ صَارَ إِلَى كُلٍّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ طَوَائِفُ مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى السُّنَّةِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ. وَلَيْسَ هَذَا الْقَوْلُ وَلَا هَذَا الْقَوْلُ قَوْلَ أَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، بَلِ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَسَائِرُ الْأَئِمَّةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ مُنَزَّلٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. وَقَدْ صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُتَكَلِّمٌ (١) (* بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إِذَا شَاءَ كَيْفَ شَاءَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَقْوَالِ الْمَنْقُولَةِ عَنْهُمْ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ تَكَلَّمَ فِيهَا السَّلَفُ *) (٢) ، لَكِنِ اشْتَهَرَ النِّزَاعُ فِيهَا فِي الْمِحْنَةِ الْمَشْهُورَةِ لَمَّا امْتُحِنَ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ، وَكَانَ الَّذِي ثَبَّتَهُ اللَّهُ فِي الْمِحْنَةِ وَأَقَامَهُ لِنَصْرِ السُّنَّةِ هُوَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (٢ بْنُ حَنْبَلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ٢) (٣) - وَكَلَامُهُ وَكَلَامُ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ (٤) مَوْجُودٌ فِي كُتُبٍ كَثِيرَةٍ، وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي


(١) ن، م: يَتَكَلَّمُ.
(٢) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) ، وَسَقَطَتْ كَلِمَةُ السَّلَفِ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٣) (٢ - ٢) سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، وَفِي (ن) : بْنُ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
(٤) فِي ذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>