للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِذَاتِهِ بِمَعْنَى (١) أَنَّهُ عِلَّةٌ أَزَلِيَّةٌ مُسْتَلْزِمَةٌ لِلْفِعْلِ، وَلَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يُوجِبُ بِذَاتٍ (٢) لَا مَشِيئَةَ لَهَا، وَلَا قُدْرَةَ (٣) ، بَلْ هُوَ يُوجِبُ بِمَشِيئَتِهِ، وَقُدْرَتِهِ مَا شَاءَ وُجُودَهُ، وَهَذَا هُوَ الْقَادِرُ الْمُخْتَارُ، فَهُوَ قَادِرٌ مُخْتَارٌ يُوجِبُ بِمَشِيئَتِهِ مَا شَاءَ وُجُودَهُ.

وَبِهَذَا التَّحْرِيرِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ. (٤) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَإِنَّ الْمُوجِبَ بِذَاتِهِ إِذَا كَانَ أَزَلِيًّا يُقَارِنُهُ مُوجِبُهُ، فَلَوْ كَانَ الرَّبُّ تَعَالَى مُوجِبًا بِذَاتِهِ [لِلْعَالَمِ.] (٥) فِي الْأَزَلِ [لَكَانَ كُلُّ مَا فِي الْعَالَمِ مُقَارِنًا لَهُ فِي الْأَزَلِ] (٦) ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ بَلْ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. فَكُلُّ مَا شَاءَ اللَّهُ وُجُودَهُ مِنَ الْعَالَمِ فَإِنَّهُ يَجِبُ وُجُودُهُ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَمَا لَمْ يَشَأْ يَمْتَنِعُ وُجُودُهُ إِذْ لَا يَكُونُ شَيْءٌ إِلَّا بِقُدْرَتِهِ، وَمَشِيئَتِهِ، وَهَذَا يَقْتَضِي وُجُوبَ وُجُودِ مَا شَاءَ تَعَالَى وُجُودَهُ.

وَلَفْظُ الْمُوجِبِ بِالذَّاتِ فِيهِ إِجْمَالٌ، فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ يُوجِبُ مَا يُحْدِثُهُ بِمَشِيئَتِهِ، وَقُدْرَتِهِ، فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِهِ فَاعِلًا بِالْقُدْرَةِ وَالِاخْتِيَارِ، وَبَيْنَ كَوْنِهِ مُوجِبًا بِالذَّاتِ بِهَذَا التَّفْسِيرِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِالْمُوجِبِ بِالذَّاتِ أَنَّهُ يُوجِبُ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ بِذَاتٍ مُجَرَّدَةٍ عَنِ الْقُدْرَةِ وَالِاخْتِيَارِ، فَهَذَا بَاطِلٌ مُمْتَنِعٌ، (* وَإِنْ


(١) ن، م: يَعْنِي.
(٢) ن: وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مُوجِبٌ بِذَاتِهِ، م: وَلَا يَعْنِي بِأَنَّهُ يُوجِبُ بِذَاتٍ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٣) ب (فَقَطْ) : لَا مَشِيئَةَ لَهَا لَا قُدْرَةَ.
(٤) ن، م: الْإِشْكَالَاتُ.
(٥) لِلْعَالَمِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(٦) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>