للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْلُولٍ أَزَلِيٍّ لِلْمُوجِبِ بِذَاتِهِ لَمْ يَقُلْهُ (١) أَحَدٌ مِنْهُمْ، بَلْ هُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَفْعُولٍ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا مُحْدَثًا.

وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ وَأَمْثَالُهُ مُوَافَقَةً لِابْنِ سِينَا مِنْ أَنَّ الْمُمْكِنَ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ قَدْ يَكُونُ قَدِيمًا أَزَلِيًّا قَوْلٌ بَاطِلٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُقَلَاءِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ.

حَتَّى عِنْدَ أَرِسْطُو وَأَتْبَاعِهِ الْقُدَمَاءِ وَالْمُتَأَخِّرِينَ، فَإِنَّهُمْ مُوَافِقُونَ لِسَائِرِ الْعُقَلَاءِ فِي أَنَّ كُلَّ مُمْكِنٍ يُمْكِنُ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ لَا يَكُونُ إِلَّا مُحْدَثًا كَائِنًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، وَأَرِسْطُو إِذَا قَالَ: إِنَّ الْفَلَكَ قَدِيمٌ لَمْ يَجْعَلْهُ مَعَ ذَلِكَ مُمْكِنًا يُمْكِنُ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ.

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْعِلْمَ بِكَوْنِ الشَّيْءِ مَقْدُورًا مُرَادًا يُوجِبُ الْعِلْمَ بِكَوْنِهِ مُحْدَثًا، بَلِ الْعِلْمُ بِكَوْنِهِ مَفْعُولًا يُوجِبُ الْعِلْمَ بِكَوْنِهِ مُحْدَثًا، فَإِنَّ الْفِعْلَ وَالْخَلْقَ وَالْإِبْدَاعَ وَالصُّنْعَ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَا يُعْقَلُ إِلَّا مَعَ تَصَوُّرِ حُدُوثِ الْمَفْعُولِ.

وَأَيْضًا، فَالْجَمْعُ بَيْنَ كَوْنِ الشَّيْءِ مَفْعُولًا وَبَيْنَ كَوْنِهِ قَدِيمًا أَزَلِيًّا مُقَارِنًا لِفَاعِلِهِ. (٢) فِي الزَّمَانِ جَمْعٌ بَيْنَ الْمُتَنَاقِضَيْنِ، وَلَا يُعْقَلُ قَطُّ فِي الْوُجُودِ


(١) ب (فَقَطْ) : أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ.
(٢) أ، ب: لِلْفَاعِلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>