للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلَّهِ كَانَ أَكْرَمَ عِنْدَ اللَّهِ، وَالثَّوَابُ مِنَ اللَّهِ يَقَعُ عَلَى هَذَا، لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ قَدْ وُجِدَتْ، فَلَمْ يُعَلَّقِ الْحُكْمُ بِالْمَظِنَّةِ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ، فَلَا يَسْتَدِلُّ بِالْأَسْبَابِ وَالْعَلَامَاتِ.

وَلِهَذَا كَانَ رِضَا اللَّهِ عَنِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ أَفْضَلَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ إِخْبَارٌ بِرِضَا اللَّهِ عَنْهُمْ، فَالرِّضَا قَدْ حَصَلَ، وَهَذَا طَلَبٌ وَسُؤَالٌ لِمَا لَمْ يَحْصُلْ (١) . وَمُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ [عَنْهُ] (٢) أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَيْهِ هُوَ وَمَلَائِكَتُهُ بِقَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: ٥٦] فَلَمْ تَكُنْ فَضِيلَتُهُ بِمُجَرَّدِ كَوْنِ الْأُمَّةِ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ، بَلْ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ وَمَلَائِكَتُهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ عُمُومًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: ٤٣] ، وَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِي (٣) النَّاسِ الْخَيْرَ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ: " «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِي (٤) النَّاسِ الْخَيْرَ» " (٥) .


(١) ن، م: لِمَا لَا يَحْصُلُ، ب: مَا لَمْ يَحْصُلْ.
(٢) عَنْهُ: زِيَادَةٌ فِي (ب) فَقَطْ.
(٣) ب (فَقَطْ) كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - بِقَوْلِهِ. .
(٤) ب، ح: عَلَى مُعَلِّمِ.
(٥) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ ٤/١٥٤ ١٥٥ (كِتَابُ الْعِلْمِ، بَابٌ فِي فَضْلِ الْفِقْهِ عَلَى الْعِبَادَةِ) وَنَصُّهُ: " فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ " ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ ". قَالَ التِّرْمِذِيُّ: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ. وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ الْحَدِيثَ فِي " صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " وَقَالَ: " طب (الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَالضِّيَاءِ) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ". وَصَحَّحَ الْأَلْبَانِيُّ الْحَدِيثَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>