للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمُحَمَّدٌ (١) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا كَانَ أَكْمَلَ النَّاسِ فِيمَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الصَّلَاةَ مِنَ الْإِيمَانِ وَتَعْلِيمِ الْخَيْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، كَانَ لَهُ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ خَبَرًا (٢) وَأَمْرًا، خَاصِّيَّةٌ لَا يُوجَدُ [مِثْلُهَا] (٣) لِغَيْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

فَبَنُو هَاشِمٍ لَهُمْ حَقٌّ وَعَلَيْهِمْ حَقٌّ، وَاللَّهُ تَعَالَى إِذَا أَمَرَ الْإِنْسَانَ بِمَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ غَيْرَهُ، لَمْ يَكُنْ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، بَلْ إِنِ امْتَثَلَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ بِالطَّاعَةِ، كَوُلَاةِ الْأُمُورِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ أُمِرَ بِمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ غَيْرُهُ: مَنْ أَطَاعَ مِنْهُمْ كَانَ أَفْضَلَ، لِأَنَّ طَاعَتَهُ أَكْمَلُ، وَمَنْ لَمْ يُطِعْ مِنْهُمْ كَانَ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي التَّقْوَى أَفْضَلَ مِنْهُ. وَلِهَذَا فُضِّلَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ عَلَى سَائِرِ النَّاسِ، وَفُضِّلَ مَنْ فُضِّلَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى سَائِرِ النِّسَاءِ ; لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْخُلَفَاءَ بِمَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ غَيْرَهُمْ، فَقَامُوا مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بِمَا لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُمْ بِنَظِيرِهِ، فَصَارُوا أَفْضَلَ. وَكَذَلِكَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ اللَّهُ لَهُنَّ: {مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا - وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: ١٣، ٣٠] وَهُنَّ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ (٤) - قَنَتْنَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَعَمِلْنَ صَالِحًا، فَاسْتَحْقَقْنَ الْأَجْرَ مَرَّتَيْنِ، فَصِرْنَ أَفْضَلَ لِطَاعَةِ الْأَمْرِ، لَا لِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ. وَلَوْ قُدِّرَ - وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ - أَنَّ وَاحِدَةً تَأْتِي بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ (٥) لَضُوعِفَ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ.


(١) ب، ح: وَمُحَمَّدٌ.
(٢) خَبَرًا: كَذَا فِي (ح) ، (ر) ، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: خَبَرًا.
(٣) مِثْلُهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .
(٤) ح، ب: وَهُنَّ لِلَّهِ الْحَمْدُ.
(٥) مُبَيِّنَةٍ: زِيَادَةٌ فِي (ن) ، (م) ، (ي) .

<<  <  ج: ص:  >  >>