للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْوَعِيدِ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (١) ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ - وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} [سُورَةُ هُودٍ: ١٠٠ - ١٠١] فَهُوَ سُبْحَانَهُ نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ ظُلْمِهِمْ وَبَيَّنَ أَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِشِرْكِهِمْ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ ظَالِمًا لِنَفْسِهِ تَكُونُ عُقُوبَتُهُ ظُلْمًا تَنَزَّهَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ - لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ - وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ} [سُورَةُ الزُّخْرُفِ ٧٤ - ٧٦] .

وَهَذَا الظُّلْمُ الَّذِي نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْهُ: إِنْ كَانَ هُوَ الْمُمْتَنِعَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ فِعْلُهُ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي هَذَا؟ وَهَلْ أَحَدٌ يَخَافُ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ ذَلِكَ؟ وَأَيُّ تَنْزِيهٍ فِي هَذَا؟ وَإِذَا قِيلَ: هُوَ لَا يَفْعَلُ إِلَّا مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. قِيلَ: هَذَا مَعْلُومٌ لِكُلِّ أَحَدٍ، وَكُلُّ أَحَدٍ لَا يَفْعَلُ إِلَّا مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. فَأَيُّ مَدْحٍ فِي هَذَا مِمَّا يَتَمَيَّزُ بِهِ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ عَنِ الْعَالَمِينَ؟ (٢) .

(* فَعُلِمَ أَنَّ مِنَ الْأُمُورِ الْمُمْكِنَةِ مَا هُوَ ظُلْمٌ تَنَزَّهَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وَبِذَلِكَ يُحْمَدُ وَيُثْنَى عَلَيْهِ ; فَإِنَّ الْحَمْدَ وَالثَّنَاءَ يَقَعُ بِالْأُمُورِ الِاخْتِيَارِيَّةِ مِنْ فِعْلٍ وَتَرْكٍ، كَعَامَّةِ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْحَمْدِ، وَالشُّكْرُ أَخَصُّ


(١) لِلْعَبِيدِ كَذَا فِي (ن) ، (م) ، (ي) : وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: لَهُمْ.
(٢) ح، ر: عَنِ الْعَالَمِينَ الظَّالِمِينَ و، أ: عَنِ الظَّالِمِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>