للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَسَنَاتِ وَتُوزَنْ حَسَنَاتُهُ مَعَ سَيِّئَاتِهِ، كَانَ ذَلِكَ ظُلْمًا يُقَدَّسُ (١) اللَّهُ عَنْهُ ; فَإِنَّهُ الْقَائِمُ بِالْقِسْطِ.

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [سُورَةُ الْكَهْفِ: ٤٩] فَهَلْ يُقَالُ: هَذَا النَّفْيُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ مَعَ أَحَدٍ مَا لَا يُمْكِنُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ؟ أَوْ لَا يَظْلِمُهُمْ شَيْئًا مِنْ حَسَنَاتِهِمْ، بَلْ يُحْصِيهَا كُلَّهَا وَيُثِيبُهُمْ (٢) عَلَيْهَا؟ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ يُثَابُ عَلَى حَسَنَاتِهِ، وَلَا يُنْقَصُ شَيْئًا مِنْهَا، وَلَا يُعَاقَبُ إِلَّا عَلَى سَيِّئَاتِهِ، وَأَنَّ عُقُوبَتَهُ بِغَيْرِ ذَنْبٍ وَبَخْسَ حَسَنَاتِهِ ظُلْمٌ يُنَزَّهُ (٣) الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُ.

وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} [سُورَةُ الْقَلَمِ: ٣٥] وَقَالَ تَعَالَى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [سُورَةُ ص: ٢٨] . وَقَالَ: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [سُورَةُ الْجَاثِيَةِ: ٢١] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ مِنَ الْحُكْمِ السَّيِّئِ الَّذِي يُنَزَّهُ عَنْهُ، وَأَنَّ ذَلِكَ مُنْكَرٌ لَا يَجُوزُ نِسْبَتُهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ مَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ


(١) ن، م: تَقَدَّسَ.
(٢) و: يَحْصُرُهَا كُلَّهَا وَيُثِيبُهُ.
(٣) ن، م: تَنَزَّهَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>