للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُ إِذَا وَجَبَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَ عُمُومِ (١) الْمُؤْمِنِينَ أَنْ لَا يُتَكَلَّمَ إِلَّا بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ، وَيُرَدُّ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ، فَذَاكَ فِي أَمْرِ الصَّحَابَةِ أَظْهَرُ. فَلَوْ طَعَنَ طَاعِنٌ فِي بَعْضِ وُلَاةِ الْأُمُورِ، مِنْ مَلِكٍ وَحَاكِمٍ وَأَمِيرٍ وَشَيْخٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَجَعَلَهُ كَافِرًا مُعْتَدِيًا عَلَى غَيْرِهِ فِي وِلَايَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَجَعَلَ غَيْرَهُ هُوَ الْعَالِمُ الْعَادِلُ الْمُبَرَّأُ مِنْ كُلِّ خَطَأٍ وَذَنْبٍ، وَجَعَلَ كُلَّ مَنْ أَحَبَّ الْأَوَّلَ وَتَوَلَّاهُ كَافِرًا أَوْ ظَالِمًا مُسْتَحِقًّا لِلسَّبِّ وَأَخَذَ يَسُبُّهُ، فَإِنَّهُ يَجِبُ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ.

وَالرَّافِضَةُ سَلَكُوا فِي الصَّحَابَةِ مَسْلَكَ التَّفَرُّقِ، فَوَالَوْا بَعْضَهُمْ وَغَالَوْا فِيهِ وَعَادَوْا بَعْضَهُمْ وَغَالَوْا فِي مُعَادَاتِهِ وَقَدْ يَسَلُكُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ مَا يُشْبِهُ هَذَا فِي أُمَرَائِهِمْ وَمُلُوكِهِمْ وَعُلَمَائِهِمْ وَشُيُوخِهِمْ، فَيَحْصُلُ بَيْنَهُمْ رَفْضٌ فِي غَيْرِ الصَّحَابَةِ: تَجِدُ أَحَدَ الْحِزْبَيْنِ يَتَوَلَّى فُلَانًا وَمُحِبِّيهِ، وَيُبْغِضُ فُلَانًا وَمُحِبِّيهِ، وَقَدْ يَسُبُّ ذَلِكَ بِغَيْرِ حَقٍّ.

وَهَذَا كُلُّهُ مِنَ التَّفَرُّقِ وَالتَّشَيُّعِ الَّذِي نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ، فَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ ١٥٩] . وَقَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ - وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ ١٠٢ - ١٠٣] .

وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ - يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ - وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}


(١) ح، ر: وَالْمَقْصُودُ هُنَا إِذَا وَجَبَ فِيمَا بَيْنَ عُمُومِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>