للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ ١٠٥ - ١٠٧] . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَبْيَضُّ وُجُوهُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَتَسْوَدُّ وُجُوهُ أَهْلِ الْبِدْعَةِ (١) . وَلِهَذَا كَانَ أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ وَغَيْرُهُ يَتَأَوَّلُهَا فِي الْخَوَارِجِ.

فَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ كُلَّهُمْ أَنْ يَعْتَصِمُوا بِحَبْلِهِ جَمِيعًا وَلَا يَتَفَرَّقُوا، وَقَدْ فَسَّرَ حَبْلَهُ بِكِتَابِهِ، وَبِدِينِهِ، وَبِالْإِسْلَامِ، وَبِالْإِخْلَاصِ، وَبِأَمْرِهِ، وَبِعَهْدِهِ، وَبِطَاعَتِهِ، وَبِالْجَمَاعَةِ. وَهَذِهِ كُلُّهَا مَنْقُولَةٌ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ (٢) ; فَإِنَّ الْقُرْآنَ يَأْمُرُ بِدِينِ الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ هُوَ عَهْدُهُ وَأَمْرُهُ وَطَاعَتُهُ، وَالِاعْتِصَامُ بِهِ جَمِيعًا إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْجَمَاعَةِ، وَدِينُ الْإِسْلَامِ حَقِيقَتُهُ الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ.

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا: أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَأَنْ تَنَاصَحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ» (٣) ".


(١) فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ لِلسُّيُوطِيِّ ٢/٦٣: وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو نَصْرٍ فِي الْإِبَانَةِ وَالْخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ وَاللَّاكَائِيُّ فِي السُّنَّةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ: قَالَ تَبْيَضُّ وُجُوهُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَتَسْوَدُّ وُجُوهُ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالضَّلَالَةِ. وَأَوْرَدَ اللَّاكَائِيُّ هَذَا الْأَثَرَ فِي كِتَابِ شَرْحِ أُصُولِ اعْتِقَادِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ ١/٧١ - ٧٢ تَحْقِيقُ الدُّكْتُورِ أَحْمَد سَعْد حِمْدَان، دَارِ طَيْبَةَ لِلنَّشْرِ، الرِّيَاضِ ١٤٠٢.
(٢) انْظُرْ وُجُوهَ تَفْسِيرِ حَبْلِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: ١٠٣] فِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ ط. الْمَعَارِفِ ٧/٧٠ - ٧٦ زَادِ الْمَسِيرِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ ١/٤٣٢ - ٤٣٣.
(٣) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٣/١٦١ - ١٦٢

<<  <  ج: ص:  >  >>